التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مقدمة في التذوق الموسيقى | التعلم الذاتي

 

مقدمة في التذوق الموسيقى | التعلم الذاتي




في العام الماضي درست مساق مقدمة في التذوق الموسيقى لـ (طارق الجندي) وأعجبني للغاية، وخلال رحلة التعلم الذاتي اكتشفت إني لم أكمل المساق، وقد توقفت عند منتصف الأسبوع الثاني لسبب لا أذكره، إذ ليس من المنطقي أن أترك مساقاً رائعاً فيه كل هذه الاقتراحات الموسيقية الفاخرة، والتعليم السهل اليسير والقصير والمفيدة، لكن لعل ذلك من حسن حظي، فكان كل ما أحتاجه الآن.

أكملت الأسابيع الثلاثة المتبقية في ثلاث أيام، لا أشعر كيف يمضي الوقت حين أبدأ الدراسة، نحن في العصر بكل تأكيد وعندما أرفع رأسي أكتشف إن الظلمة أصبحت حالكة، أو إنه الصباح الباكر، لكنني استيقظ من المساق وشمس الظهيرة الساطعة تملأ الغرفة.

كتبت للأصدقاء أتحدث عن تجربتي:

"عدة ساعات وأنا أدرس الأسبوع الثالث في مادة الموسيقى، شعرت إنني أعيش حلماً في تلك اللحظات، الوقت انقضى وغابت الشمس دون أن أشعر إلا باتصال هاتف.

لماذا يبدو كحلم؟ لأنني أعتقد إن الموسيقى جزء مهم من الثقافة الفنية والإنسانية، وإن إمكانية دراسته في أي مكان حتى وإن كان المنزل،وفي أي وقت، وبشكل رفيع، هو منتهى سعادتي دون أي مبالغة... تقضي الساعات وأنت تستمع إلى الموسيقى، أنت تدرس لكنك لا تدرس فعلاً، تخيل إن واجبك هو الاستماع إلى موسيقى باخ وموزات وبرامز وشومان وشوبان وبيتهوفن، وتحديد المقاطع، ومعرفة على أي قالب بنيت المعزوفة، لا يمكنني أن أكون أكثر امتناناً، العقل يصبح صافياً تماماً.

أخيراً تمكنت من معرفة لماذا السمفونية هي سمفونية؟ ولماذا السوناتا سوناتا؟ سابقاً كنت أعرفها كما يعرف الشخص خط سير الأحداث الأساسي لرواية، الآن أشعر بأني أصبحت أقرب قليلاً بعد إن عرفت ما هو بسيط جداً لكنه بكل تأكيد سيجعل جهازي السمعي أكثر رهافة، وأتذوق الموسيقى بشكل أحلى وأعذب، سأستطيع تقدير الموسيقى أكثر، وأرغب في دراسة ما كتبته من ملاحظات مرة بعد أخرى لتترسخ الفكرة. لطالما ظننت إن الألحان العظيمة التي يعتادها سمعي موجودة منذ الأزل بشكلها هذا، لكن للمرة الأولى أستشعر إنها نتيجة إبداع إنساني، أحد ما قام بتأليفها، هناك عباقرة وأساطير عبروا الزمن لنتمكن اليوم من الحصول على هذه التجارب الفريدة في كل مرة نستمع إلى ألحانهم، فما هو الإرث الموسيقى الذي سنتركه للأجيال يا ترى؟"

من خلال هذا المساق تعلمت إن عليك أن تنصت الموسيقى فهي ليست إطاراً لحياتك فقط، هي كائن حي، عمل فني له أبعاده الثلاثية والرباعية وأحياناً ما هو أكثر، كما إنني شعرت بالهدوء والسكينة والتوحد مع نفسي، أنت والموسيقى تتحاوران، أنت البطل الأوحد في تلك اللحظة… هكذا هي الموسيقى توحد الأجزاء، وتصب كل متغيرات العالم بشكل جميل، الحزن والسعادة يستويان فيها، فأنت ستحصل على الرضا في ختام التجربة السمعية أياً ما كان الشعور.

في كل أسبوع من المساق ستتعرف على جانب مختلف من الموسيقى، ويتعزز شعورك بأنك أحسنتَ صنيعاً بالانضمام إلى المساق.

ولأول مرة أشعر بأسى عند نهاية مساق (عادة أكون سعيدة لإنهاء مساق جديد)، عندما قال المحاضر كلماته الوداعية، تمنيت لو إنه لم يقلها، رغبت بـ 4 أسابيع إضافية على الأقل.



وددتُ أن أكتب مقالاً أكثر علمية دون أن أشرك مشاعري الشخصية بما إنني أتحدث عن مساق تعليمي، لكن هذا غير متاح عندي عندما نتحدث عن موضوع رؤوم كالموسيقى.

وأنت ماذا تمثل لك الموسيقى؟



اقرأ أيضا هل تحب برامز؟

مساق إدارة القلق والصدمات النفسية

رحلة التعلم الذاتي


3:05 م

2020/9/16 الأربعاء

سمانا السامرائي

تعليقات