التخطي إلى المحتوى الرئيسي

هل تحب برامز؟ - المراجعة النهائية


هل تحب برامز؟ - المراجعة النهائية 






 - ردود الفعل والشخصيات أبطأ من المعتاد وأهدأ، ومختلفة عما هو معاصر، تعتقد أن الشخصية ستتصرف بصورة ما ثم تتصرف عكسها، تعتقد إن المشهد سيسير باتجاه ما فيذهب باتجاه آخر، كنتُ مولعة بهذه التغيرات الصغيرة للغاية، لكنه مصنوعة بريشة فنان بارع.


- تقطيع المشاهد وترتيبها لمسة فنان أخرى، أسلوب التقطيع كلاسيكي ومعاصر للغاية، شيء ما نجده بأعمال الخمسينات والستينات، لكنه يمنحك شعور إن الكاتب والمخرج كسرا الشائع لِيَسُّنا طريقة تركيب سيحذو بعض المخرجين حذوها في المستقبل.


- إيقاع العمل كله موسيقي، سير الأحداث مقطوعة موسيقية عذبة، كم أتمنى لو أنني أستطيع العزف، الموسيقى الصادرة منه قوية، أريد حفظها في مقطوعة موسيقية، إنني استمع لها في رأسي وتثور في قلبي، لأول مرة أشعر بكل هذا العجز لأني لا أجيد الموسيقى، إنه شيء لا يمكن التعبير عنه بالكلمات.



- لدينا مجموعتين من الأصدقاء، إنهم كنوز وليسوا أصدقاء، شخصيات أصيلة غير تقليدية، شخصيات عابرة عبر حقبات زمنية متعددة، مما يمنحها عذوبة الحب الأول، وبريق الحياة في عين مراهق. 


- لا أعلم إن كان أمراً مقصوداً، لكن التوافق اللوني في الملابس بين الشخصيات المتقاربة أمر أضاف معنى للمشاهد، يمكنك أن تعرف الكثير من الملابس وحسب.


- عليك مشاهدة هذه الدراما إن أردت معرفة أهمية المدح في حياة الإنسان، وكيف يؤثر على مسار حياته، وكم إن هناك أشخاص على الرغم من معرفة الجميع بمقدراتهم أيضاً بحاجة المدح، بل إنك غالباً ستسرف في كتابة مقالات عن أهمية المدح والثناء بعد مشاهدتها بالتأكيد. 


- عليك مشاهدة هذه الدراما لمعرفة كم من التدريب أنت بحاجة إليه قبل أن تتخذ قرار تقديم الفن وفق قناعاتك الفنية ورؤاك، ويمكنك أن تدرك أهمية قيمة كالتواضع في صنع فنان حقيقي. 


- أتراجع عن ما ذكرته حول الإخراج الموسيقي، ليس الأفضل لكنه ملائم بشكل عام ومنح العمل الكثير من الرقي وبيَّن المعاني، وكانت اختيارات الموسيقى الكلاسيكية نزهة خارج الزمان والمكان. 


- بعض اللمسات الإخراجية كانت مثيرة للانتباه ولطيفة، مثل ذلك الفاصل في مشهد الاتصال، مَثَّل الإقبال والاهتمام، فحين تزداد مساحة المتصل يعني إنه صاحب الإقبال والاهتمام الأكبر في تلك اللحظة. 




- الإخراج حمى سير الأحداث وجعلها حية حتى حين فقدت الكاتبة بعضاً من يقينها وقوتها على صب المزيد في العمل (وهو أمر مفهوم، لم يكن بالعمل البسيط كتابته)، وأخرج أفضل ما في الممثلين، للمرة الأولى شعرت بتقدير كبير للإخراج. 


- المخرج بدا لي إنه بذل جهداً للتصوير مع حماية الطاقم من كورونا لذا أخرج المشاهد المزدحمة من دون أن يظهر الكثير من هذه المشاهد أو من دون أن تظهر هذه المشاهد أصلاً لكن دون أي إخلال بالأحداث، أنت ستشعر إنك شاهدتها، كما إن اختيار سير الأحداث في ٢٠٢١ كان رسالة للتفاؤل للمشاهدين "كل شيء سيكون بخير". 



- الشخصيات الفنية تقدم عادة في مراحل اكتمالها ونضجها الفني والشخصي لذا تكون أقرب للمثالية، رائعة لحد آسر، في هذا العمل نخوض رحلة مع موسيقيين لم يستقروا على ضفة، يتأرجحون بين الحبال والنار تشتعل أسفلهم ليقدموا عرضاً في سرك الحياة، في أحيان كثيرة شعرت برغبة في إسداء النصح وتصحيح بعض التصرفات، ولكن في المحيط الإبداعي في عصرنا هذه هي المشاكل  والصعوبات التي ستقابلها كفنان، والفنانون هم شخصيات قلقة جداً ليس لأنهم حساسون وانتقائيون ومزاجيون (كان هذا السبب في أيام مجد الفنون)، بل لأنهم في أيامنا هذه وفي عالمنا النفعي الاستهلاكي يتعين عليهم أن يكونوا حالمين يقتاتون على الخيال والآمال والشعور وواقعيون يديرون حياتهم بشكل يدر الأرباح والراحة. 

لو كنت مبدعاً أي كان مجالك، فهذا العمل لك.


- بالنسبة إلى أحداث القصة، أعتقد إنه من الصحيح أن تفعل ما لا تحب في بعض الأحيان لتكتسب القوة وتستطيع فعل ما تحب وتحمي من تحب، الحياة لها قواعد، وقوفك ضد هذ القواعد سيضيع حياتك فقط، استغل القواعد لصالحك. 


- هو عمل موسيقى ترك أثراً وسيكون مرجعاً لهذا النوع من الأعمال مستقبلاً، وسيكون عملاً أثيراً لمحبي الموسيقى وربما العازفين أيضاً، هو ليس العمل الذي بإمكانه حيازة عشرة نقاط كاملة، لكنه حاز على ٧ و ٨ و٩ على مدى حلقاته الستة عشر، أي إن الإيقاع مضبوط، وكل الشخصيات تسير وفق تطور شخصيتها في الحلقات الأولى وليس وفقاً لأهواء الكاتب، لذا نستطيع القول إن الكاتب قطعاً وعداً في الحلقة الأولى ونفذ الوعد في الحلقة الأخيرة، وهذا ما نطلق عليه "عمل جيد" يستحق المشاهدة. 


دفعني هذا العمل لكتابة تدوينتين عنه، والكلمات اندفعت تباعاً في عقلي عند المشاهدة لذا كنت أوقف بعض الحلقات لأكتب، شعرت بأن الموسيقى جعلت كلماتي سلسة وأفكاري تجري. 


*ملاحظة: أنت بحاجة إلى بعض المعرفة الموسيقية وحب كبير للموسيقى الكلاسيكية لتستطيع فهم العمل بجوانبه كاملاً، وإن لم تكن كذلك فلعلك تشاهده في بادئ الأمر للمرة الأولى ثم تبحث عن المصطلحات الموسيقية والآلات وكيفية كتابة المقطوعات الموسيقية وتركيبها ثم تعود لتراه مجدداً، فتفهم فيه معنى آخر.


يؤسفني إن طاقم العمل لن يستطيعوا قراءة هذه الكلمات، إنها تعبير عن امتنان العميق لمنحي كمشاهدة متعة عيش هذه التجربة المستقرة التي لا تشبهه هذه الأيام، تجربة راقية وفنية. 


اقرأ أيضاً هل تحب برامز؟ 


٤:٠٩ ص

٢٤/١٠/٢٠٢٠ السبت 

سمانا 



تعليقات

  1. ماريّا10/25/2020 2:57 م

    .



    أحب الأعمال الموسيقية مهما كانت طبيعتها ومستواها 🎼
    لهذا كنت منجذبه لهذا العمل حتى قبل عرضه وأعلم إني سأشاهدة يومًا ما بكل حب!

    نحن متعودون على الأعمال الموسيقية التي تظهر لنا الموسيقى العصرية الشبابية ولكن أعمال الموسيقى الكلاسيكية -على الشاشة الصغيرة- قليلة ونادرة!
    لذلك انجذبت لرؤية جانب آخر من الموسيقى ومع شخصيات شابه!

    كلماتك زادت حماسي 🤎 🙏🏻

    ردحذف
    الردود
    1. نعم، أتفق معك، الموسيقى الكلاسيكية لا تأخذ حيزاً من الاهتمام بسهولة.

      سعيدة إن كلماتي كانت محفزة للمشاهدة.

      شكراً للقراءة. 💖

      حذف

إرسال تعليق