لماذا (خلي بالك من زيزي) عمل مختلف؟ 

تألق مجموعة من الممثلين الشباب في عمل جديد في رمضان ٢٠٢١، وبتصنيف الرومانسية الكوميدية وهو تصنيف نادر على الساحة العربية إن لم يكن معدوماً، #خلي_بالك_من_زيزي كان عملاً شد أنظار الجمهور وجعل منهم مشاهدين شغوفين بالعمل، فلماذا؟ في هذه التدوينة سنغوص أكثر في التفاصيل. 

▪️حياتية: 

لا تعتمد على الإثارة والتشويق والأحداث غير المتوقعة، بل تعمد إلى جعلنا نرى حياتنا اليومية ونشعر بسحرها وأخطائها، كلنا سنرى أنفسنا وعائلاتنا وجيراننا في العمل، وسنرتبط بالشخصيات، ونبني صداقة معها، نتفهمها ونريد لها الأفضل.

▪️تنوع الشخصيات: 

إنه عمل يحتوي على باقة زهور من شتى بقاع العالم، سمات كل شخصية بارزة، كل شخصية هي حية بالكامل حتى في أبسط تفاصيلها. 

▪️كتابة رقيقة: 

عمل فني مكتوب بعناية واهتمام، فريق الكتابة كان يكتب بقلبه، بإيمان بما يكتبه، وبصوت الرجل والمرأة بتوازن، وزعت القصة على مدى ثلاثين حلقة بتصاعد مثالي، وهناك بحث دقيق حول المعلومات الواردة، يا أصدقاء إنها المرة الأولى التي نعرف فيها الأستاذ الجامعي ماذا يُدَّرس ويبدو عارفاً فاهماً بتلك المادة، ويستخدم مصطلحاتها بشكل صحيح!!

▪️الشخصيات بشرية وليست مفاهيم: 

الكائن البشري العادي (أنا وأنت ومن نعرفهم) له أخطائه، وله ميزاته، هو ليس الحق المطلق، وليس أيضاً الشر المطلق، هو ليس الشخص المحترم فاعل الصواب دائماً، وليس الشخص السفيه فاقد الرشاد دائماً، هو متذبذب بين الأطراف جميعاً، فيه كل العبر، فطرته خير ويريد الخير له ولغيره لكنه لا يستطيع ذلك في بعض الأحيان وتحت ظروف معينة قد لا يدركها هو، ولا يفهم ما يطرأ على نفسه من تحولات، وهذا ما نراه في شخصيات عديدة، فمثلاً كنتُ أود صفع هشام عسل كلما رأيته حتى نصف العمل تقريباً، ثم بدأت بتفهمه، ثم أشفقت عليه، ثم ساندته شاعرة بحسن خصاله كأستاذ جامعي يعتني بطلابه، وكشخص يحاول الوفاء بوعده وعدم إيذاء الآخرين قدر المستطاع. 

كذلك لدى الشخصيات ردود أفعال طبيعية نقوم بها جميعاً، ليسوا مجمدين يتحركون لإلقاء النص فحسب. 

▪️تمثيل واقعي: 

يا له من طاقم منعش! وجوه جديدة، طاقات متفجرة، تمثيل هائل، سهولة ممتنعة، ولد هذا الخليط إيماناً لدى المتابع بوجود زيزي ومراد ونيلي وسامي وهشام والآخرين في الحياة الواقعية. 

▪️مظاهر طبيعية: 

اختيار مظهر الشخصيات ملائم لهم، لا مبالغات، كل الشخصيات لديهم مظهر يشبه شخصيتهم تماماً، البطلة حين كانت متعبة كنا نرى الهالات السوداء تحت عينها وكنا نجد ذلك جميلاً لأن هذا هو الطبيعي والحقيقي، لقد ساهمت المظاهر بزيادة اندماجنا. 

▪️إخراج فني ومناسب: 

زوايا التصوير، تقطيع المشاهد، ألوان المشاهد، أماكن التصوير، الإضاءة، التأكيد على التفاصيل بما يخدم المشهد، ضبط الانفعالات، والكثير، يلزمنا تدوينة خاصة للحديث عن إخراج العمل وكتابته. 

▪️الحديث عن الصحة النفسية:

العمل العربي الأول الذي يتحدث عن الصحة النفسية كما يجب، دون تهويل المرض النفسي أو تهوينه والاستخفاف به، وعلى الأرجح أن فريق الكتابة استعان بمعالج نفسي لكتابة نصوص الطبيب سامي، وجاءت مشاهد العيادة النفسية كأجمل مشاهد في العمل برمته. 

▪️تناقش مختلف القضايا المهمة: 

عادة نحن نتوقع من الأعمال التي تناقش قضايا مهمة أن تكون قاتمة تتحدث عن الظلم والفساد، لكننا في هذا العمل نرى ما يهمنا، ما يمس حياتنا بشكل مباشر، ما يدور في خواطرنا ولا نستطيع قوله، وجاء ذلك بشكل جذاب ومحبوب يُمَكِّننا جميعاً من المرور برحلة إصلاح معه، وقد شهدت تحسن أشخاص في نقاط لم أتوقع أنهم سيصلحونها بأنفسهم لأنهم لا يرونها، ومن خلال العمل ظهرت بوضوح على الشاشة وأدركوا وجودها وتأثيراتها.

▪️صوت المرأة: 

نادرة هي الأعمال التي نرى فيها قضايا المرأة ومشاعرها وأفكارها بصوت وأسلوب المرأة، غالباً ما تكون الشخصيات النسائية تعبيراً عما يعتقده الرجال في المرأة، وهي أبعد ما تكون عن ذلك، هم لا يحاولون تفهمها بل يسقطون عليها خيالاتهم التي يخمنون إنها مراعية. 

▪️العمل رحلة إصلاح: 

ستبدأ غاضباً، محتاراً، ضائعاً، مشتتاً، ثم ومع رحلة زيزي أنت تدريجياً تحط عن أكتافك ما يثقلها، أربعون دقيقة يومياً من التأمل الدرامي. 

▪️كوميديا من نوع آخر: 

الكوميديا وليدة الموقف، يكون المشهد جدياً وفجأة تجد ضحكتك المجلجلة وصلت حتى نهاية الشارع، أنت تضحك رغماً عنك، من مكان ما مختلف، عقلك لا يرى الأمر كأنه كوميديا لكنك تضحك وكأن العمل دغدغ عقلك العلوي السامي (إن كان هناك شيء كهذا)، ماذا يمكن أن نسميه؟ موجة الضحك الصادق المُحرر والمبهج... صوت ضحكتك سيبهجك أنت ويخرجك من قيودك. 

▪️الموسيقى: 

بعيداً عن أن موسيقى الختام تحفة فنية تلامس الروح، اختيار الموسيقى لكل مشهد كان ملفتاً، لا تشعر بها لكنها تقوم بعمل جبار، وهذه هي الموسيقى التصويرية، هذا دورها، شعرت بالارتياح لأنها تقوم بدورها دون إزعاج. 

▪️العمل ذو قراءات متعددة: 

يمكن مشاهد العمل مراراً وتكراراً دون أن تشعر إنك شاهدته من قبل، نفس الدهشة الأولى، نفس المتعة، نفس الضحكات، حدث أن شاهدت حلقة ثلاث مرات، وفي كل مرة كنت أخرج عن العالم وأدخل إلى عالم العمل الملون، كما أنني تابعتها مع الأسرة والأصدقاء، وقد كانت لدينا قراءات مختلفة للغاية على نحو يثير العجب، كلنا أحببناها ولكن بطرقنا. 

🔹ملاحظات:

- تمنيت أن يأخذ التركيز على الأجزاء العاطفية حيزاً أصغر أو لم يكن موجوداً من الأساس. 

- هناك مشاهد يظهر فيها الأبطال يشربون الخمور، أو يزور البطل نساءً في بيوتهن، الأمر الذي وجدته غير مستساغٍ على الرغم من أنه قد يكون أمراً عادياً في ثقافة الشعب المصري الحالية. 

- بث الخوف من الأدوية النفسية والعصبية ليس أمراً سليماً وليس مفيداً لمجتمع لا يؤمن أساساً بالعلاج النفسي، مع العلم أن الدواء ضروري لكثير من الحالات بل ومنقذ أساسي لكثير من الأرواح.

وأنت كيف وجدت #خلي_بالك_من_زيزي؟ 

٥:٥٠ ص

٢٠٢١/٥/٥ الأربعاء

سمانا السامرائي