التخطي إلى المحتوى الرئيسي

رسالة من فتاة الخزامى

 





 

الفتاة التي تشبه رائحة الخبز الطازج حين تنتشرُ في ارجاء المنزل صباحاً، بدايات الربيع، عبق أشجار الحمضيات حين تُزهر، الأيام المعتدلة المنعشة، النسيم العليل مع اشعة الشمس الحانية، رائحة القهوة المحمصة، وموسيقى الجاز في مقهىً اسباني صباحاً. لطالما شعرتُ بك على هذا النحو، مذ عرفتك ونحنُ في المدرسة وحتى هذا اليوم، لم يتغير شعوري تجاهك أبداً، وإنني شديدة الاعتزاز بالأشخاص الذي لا يتبدّل شعوري الجيد معهم مهما تقادمت السنون والازمان. قصصكِ الأولى، الحب الذي كان ينبعثُ منها، سعادتي حين اعود للمنزل وفي حقيبتي دفترٌ منكِ... كان شعوري مثل طفلٍ يحتفظ بقطعةِ حلوى أثيرةٌ عنده ليتناولها بعد الغداء. والرسائل التي لا تُعد التي كنا ندونُ فيها شيئاً منّا ونرشُها بالعطر والمحبة.
لا نلتقي عادةً هكذا اشخاص بوفرة، إنهم كالشُهب، لا تأتِ إلا لمن يقضِ وقتاً طويلاً يترصدُ مرورها. في كل مرة احكي لك عن عواطفي نحوك، اشعر بامتنان عظيم، لإني اشعر بكل هذا الدفء، ولإنك موجودة لأخبرك بذلك ولإنك تمنحيني هذا الإحساس بكرم. طويلٌ هو المشوار الذي سرنا فيه معاً، كل المحادثات الثمينة، التسجيلات العميقة، المجتمعات والمعسكرات التي تحملُ ذكريات لا تُنسى، وكل شيء تضعين لمستك فيه يغدو حيوياً كرذاذ العطر بداية انطلاقه في الهواء.
لا أدري ماذا أتمنى لك تحديداً من بين كل الأمنيات التي تعجُ في قلبي لك، لكنني دائماً ادعو لك بما تستحقين وبما يرى الله فيه خيرٌ لكِ. ادعوه أن يحيطُك برعايته، ولا يجعلك تتكلين على غيره، أن يُعمر قلبك بالأمل ويبث السلام والطمأنينة في حنايا روحك، وأن لا يحرمُ الجميع من كتاباتك التي يحتاج العالم أن يقرأها في خضّم كل هذا التوتر، ليسترخي وينتقلُ مع ابطالك لعالمهم الرغيد.
لتكوني مصدر بهجةٍ لكل من تمرين عليه، تنعشين الروح وتؤنسين العقل. لا حُرمتُ صحبتك ولا أراني الله فيك إلا كل خير ولتبقى زهرة الأوركيد بيضاء ناصعة كالقطن.
كلُ عامٍ وأنتِ ريحانية الروح.

رفيقة الأدب والدرب
فتاة الخُزامى.

 

 

٦/٢/٢٠٢١

تعليقات