ليالي أوجيني
قد تجذبك الأزياء الخلابة، وتسريحات الشعر الأنيق، والرقي الذي يغلف كل الكلمات والأفعال، وهكذا وصلت أنا أيضاً، لكنه ليس سبب بقائي، فبقائي كانت أسبابه أكبر وأعمق، كانت رواية مصورة كتبت من أجلي تماماً، كان كل شيء على مقاسي، مخاط بعناية، غرزة غرزة، وبحب كبير وتأني، كان معطفاً أعد من أجل روحي.
بضعة أشخاص عاديين وبهدوء ليس من هذا الزمن، يعيشون حياتهم وفق قواعد وأسس لا نعرف عنها الكثير، لم يتكلفوا عناء تغيير نظامهم اليومي من أجلنا نحن المشاهدين عندما بدأت الكاميرا تدور في شوارعهم، كل شيء مضى صفحة بعد صفحة بسلاسة ورشاقة راقصة باليه.
فريد الباحث عن الحب، كريمة الباحثة عن النجاة، عايدة الباحثة عن التفوق والامتلاك، عزيز الباحث عن نفسه في تجارب الماضي، صوفيا التي ألبست الانتظار ثوب حياتها.
حلقة بعد حلقة نمت الشخصيات في قلوبنا وعقولنا وتبرعمت، ثم أزهرت، بكينا حين بكوا، وفرحنا حين ضحك فريد للمرة الأولى بعد أوقات كآبته التي بدت لا نهائية.
لم يكن مبهرجاً، لكنه كان عالماً جميلاً برع الكاتب والمخرج والمصورون والممثلون والموسيقيون وخبراء الأزياء والديكور بنقله لنا، بحرفية وبراعة، دون أن يغفلوا عن أي تفصيلة، إنه العمل الذي لا تريد رؤية أي شيء بعده لشدة مثاليته.
وحين نأتي على ذكر الكتابة لا يمكننا إغفال اللمسة النسائية الساحرة التي تميز الأعمال التي تكتبها النساء، ذكاء عاطفي في تجسيد الشخصيات، والقدرة على جعلنا نعيش معها ونفهمها حتى بدون أسباب واضحة ومنطقية في بداية الأمر، عرفت إنها كاتبة، ولم أتأكد من ذلك إلا بعد نهاية العمل أثناء كتابة مقالي هذا، وكنتُ محقة، ، كم تمنيت أن أكون كاتبة هذا العمل وأن تكون هذه الأفكار أفكاري، لكنها ليست كذلك للأسف.
أريد الكتابة عن ماجدة ونبيلة وصدقي ونعمات، ولا أريد نسيان جليلة وأمين ولولة وإسماعيل وعلي، أريد مناقشة فنيات العمل التي اتخذت من البساطة طابعاً، وعن اللقطات الطويلة الصامتة التي تحدثت بالكثير، وعن تعبيرات الوجه التي قالت أكثر مما قالته الشفاه، وعن العلاقات الجميلة، والشخصيات المهذبة، والقواعد والأصول والواجب، وعن إخراج كل ذلك ببراعة، ولكن الوقت لن يسعني لكل هذا، علي أن أكتب وأكتب لأيام، ولا أريد تجزئة شيء كامل متماسك متلاحم بأسلوب نقدي بارد، هي الدراما التي كتبت بكل ذلك الشعور المتقد والمكثف كما لو إن الكاتب اعتزل في جزيرة ولم يسمح لنفسه إلا أن ينغمس في عوالمهم لينقلها وكأنه رآها، أي نقد لهذا العمل دون خيط من الشعور وكثير من الرؤية الفنية سيكون مجحفاً.
وبعد نهاية عمل عظيم دائماً تسأل نفسكَ ماذا عليك أن تفعل بعد أن رحل الأبطال وتركوك؟ إنه العمل الذي تمنيت إنه طال لمئة حلقة وأكثر، رغم علمي بأن مصدر جماله هو في تلك القرصة التي يقرصها لقلبك بخفة وعذوبة ويعيدك لرشدك ويرحل، وها هو قد رحل.
6:06 م
24/6/2020 الأربعاء
سمانا السامرائي
Tweet
.
ردحذفشاهدته منذ عام ولم أنسَ جماله��
هادئ برغم تنوع أحداثه!
مشاهدته مريحة جدا وممتعة��
أتمنى وجود أعمال تشابهه (قصة رومانسيه بلمسة إثارة)
استمتعت بقراءة المقال��