التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الإله الوديع... أن تحب لأنه مفيد



الإله الوديع… أن تحب لأنه مفيد




 
يمكنك قراءة مقال (الإله الوديع... أن تحب لأنه مفيد) والمنشور عبر موقع مقال في الرابط أدناه ⬇️




النظام الرأسمالي

النظام الرأسمالي نظام نفعي، أي إنه يعتمد على اجتلاب المنفعة وتطويع كل ما على الأرض وما يحلق في السماء ويطوف في الهواء ويسبح في المياه لتحقيق هذه المنفعة، بغض النظر عن كون هذه المنفعة أخلاقية أم لا، بناءة أم لا.

ومن أجل فائدته وحدها ابتكر الأجهزة وتطوع المباني، وهجن الحيوانات والنباتات، وطور العلم والطب، وتلاعب بمورثات المخلوقات وبدقائق المواد، لكن العائق الوحيد كان الدين الذي عليه أن يطيع شرائعه، ويخدم قوانين الإله المشرع، ويمتثل لحكمه وقضائه، ويعترف بحقيقة كونه كائناً ضعيفاً عبداً لا سيد، يتلقى ما يعطى بامتنان ويؤمن إيماناً لا زعزعة فيه بحكمة قرارات الإله وعدلها.

مخافة الله تنبع من داخل الانسان

وما دام الإله قوي مهيب جليل عادل علا شأنه وتقدس ذكره وسمت تعاليمه فهو لا يستطيع مخالفته خوفاً على مصالحه الشخصية، فهو أجبن من أن يعلن رأيه، خصوصاً إن تسبب له إعلان ذلك الرأي بأضرار اقتصادية واجتماعية وأعاق فرصه في الحصول على أرباح ومكاسب جديدة، كما إنه يخشى الإله في بواطن عقله.

ودهاليز نفسه لذا ولكي يريح ضميره بدأ يجرد الإله من صفاته التي توقع الرهبة في نفوس منكرين وجوده والمؤمنين به على حد سواء، ويقتل هيبته ليجعله بالغاً بالعطف والرحمة، ثم أطر حدود قدرته لتكون ضمن إطار تحقيق الأماني فقط، وجعل الإله تميمة حظ أو جنية لجلب الحبيب أو الإغراق بالمال والقوة، جعله مسالماً بلا أسلحة، أبلهاً بلا حكمة، عديم السبل والوسائل.

محققاً بذلك الحصول على صديق وديع يكون ككيس رمل الملاكمة وحقيبة في الآن ذاته فهو يفرغ فيه جام غضبه ثم يحمله كل أعباء بلادته وسوء اختياره ولا يلتزم تجاه هذا الصديق بأي واجب، وهذا ما يمحنه راحة لضميره، وشرعنة لأمانيه وإن كانت أنانية لا تضع للآخر اعتباراً، وأرسى بذلك قواعداً لمزيد ومزيد من النفع.

بداية الابتعاد عن الخوف والرهبانية من الله

وقد تسلل الأمر بداية للديانة المسيحية حتى أصبح الإله مجرد فكرة وليس كياناً حاضراً عزيزاً قادراً، يتذكره الناس في الأعياد أحياناً أو حين يقعون في مأزق، يشكون ويبكون ويطلبون دون أن يعرفوه أو يعرفوا تعاليم دينه، ثم ما يلبثوا أن يعودوا بعد دقائق لارتكاب كل ما حرم، والقفز على كل حد وقيد إلهي.

وحديثاَ بدأت هذه الموجة تغزو المجتمعات الإسلامية فنرى أن القرآن لم يعد يتداول منه إلا الآيات التي تحمل الطمأنينة في ثناياها مثل:

  • {رَبَّنا وَلا تُحَمِّلنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ}
  • ‏{وَيَسِّر لي أَمري}
  • ‏{لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ}
  • ‏{فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍ}
  • {‏وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}
  • غافلين عن هذه الآيات وشبيهاتها {فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي}
  • {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجعَل لَهُ مَخرَجًا ۝ وَيَرزُقهُ مِن حَيثُ لا يَحتَسِبُ}

الخوف من الله في الشدة والرخاء

والإنسان بطبيعته لا يحسب حسباناً لشخص ماثل أمامه بالغ الطيبة لطيفاً هيناً ليناً، فما بالك بالإله الذي لا يستطيع رؤيته؟ إذن هل نحب الإله لأنه وديع لا ضرر منه مفيد يلبي طلباتنا؟ أم نحب الإله العظيم الجبار المقتدر مالك الملك ذو الكبرياء والجبروت أرحم الراحمين وأشد المعاقبين؟

هل نحن على الاستعداد على الإلتزام بتعاليم الإله والثقة بخياراته لنيل رضاه ليجعل لنا مخرجاً ويرزقنا من حيث لا يحتسب؟ أم نحن نريد من يحقق لنا الأحلام بغض النظر عن جدوى الحلم ومشروعية طرق تحقيقه وبعيداً عن أي مسؤوليات واعتبارات أخرى؟

بقلم: سمانا السامرائي

 

تعليقات