التخطي إلى المحتوى الرئيسي

ذات مرة في شبابنا


ذات مرة في شبابنا








تنتهي الفاصلة الموسيقية في الأستوديو الإذاعي، تزفر المذيعة سريعاً وبصوت خفيض، تتغير نظراتها، تعبير وجهها، وجلستها لتصبح متدفقة بالتأثير والحكمة والرشاقة، تدفع بعناية إلى الخلف شعرها الطويل محمر اللون والمسرح، تعدل غرتها وهي تراقب المُخرج، أشار إليها، فانطلقت تقول: أغنية (متأخر بوعد)لـ (ريبا ماك إنتاير) أخذتنا إلى رحلة جميلة عبر القرى، إنها تناسب يوماً ربيعياً حاراً كما اليوم.
كتب ألبير كوهين "كان ذلك في طرفة عين، نظرت إليّ دون أن تراني، وكان ذلك مجداً وربيعاً وشمساً وبحراً دافئاً"، للشباب والحب صفات متشابهة، العنفوان، الشغف، القوة الجبارة التي تشعرك بأنك تملك العالم وما فيه، أنت وحدك السيد الآمر الناهي، وقصتنا اليوم وصلتنا من مستمع أو مستمعة لم يكتبا أي معلومات تدل عليهما، قصة يتوقد فيها حب الشباب، فهل نستمع إليها معاً؟
----



إنه الرجل الذي تطلعت له طوال حياتها، في حقوله الخضراء على محراثه يبدو وكأنه يركب الريح، جبل من الصلب، وهذا ما جعلها تقع في حبه.

ما إن تراه تقفز على السياج الأبيض الذي يرسم الطريق بالرغم من ثيابها الأنيقة، تنورة زرقاء تصل إلى أسفل ركبتيها، وسترة زرقاء بأطراف أكمام وياقة حمراء، وقميص مخطط عرضاً بخطوط أربعة حمراء وزرقاء وحذائها وحقيبتها الزرقاء والبيضاء اللامعين، تستند على السياج وتدلي جذعها، تترك شعرها الزغبي الأشقر يتحرك بخفة مع الرياح، وتنعكس الشمس في عينيها العسليتين، وتطلق ضحكاتها السعيدة.
أدركت إنه رآها وتجاهلها، تركض نحوه، تقف بطريق محراثه، يوقفه، ينظر إليها ويطيل بدون أي شعور ثم يشيح بنظره، أحست بتأنيب غير مباشر، لكنها أطلقت ضحكة شاسعة ملئت الحقل، وركبت بجانبه.
وضعت حقيبتها في حجرها، فتحتها وكأنها تبحث عن شيء ما، وقالت "ألم تشتق لي؟ لقد عدت"
لم يجب، شغل مركبته وأنطلق.
في صخب المركبة قالت بمرح "أنا سعيدة لرؤيتك"، ناولته قطعة سكاكر، فلم يكلف نفسه عناء النظر إليها بزوايا طرفه، مبتسمة وضعتها بجانب المقود، ثم تركت شعرها ليُحلق من النافذة.
"لا تنس ارتداء معدات السلامة في المرة القادمة" قالت فلم يجبها، أدارت جسدها نحوه، وأسندت مرفقها على النافذة "الجامعة فيها الكثير من الأنشطة الممتعة، إنه عالم مختلف عن هنا" لكنه لم يجبها مجدداً.
"حسناً… أعلم ما الذي سيجعلك تتحدث، جدتي أهي بخير؟"
دون شعور واضح "بخير. اسألي عنها أبكر في المرة القادمة"
"لماذا تتحدث كشخص ناضج؟"
يوقف المركبة بقوة كعادته،كادت رقبتها أن تتحطم، يقول "لأننا ناضجين"، تنظر إليه غاضبة ثائرة.
أمرها "انزلي"، نزلت، ثم رحل، تمتمت محبطة "أتيت لرؤيتك أيها الأحمق" ركلت الأرض بحذائها، فانزلقت وسقطت، ثم صرخت وأنّت، نظرت إلى ما حولها، ما زال المنزل بعيداً، صرخت بصوت أعلى وناحت.

----
لقد اكتمل تحضير العشاء، تساعد جدتها في سكبه في صحون التقديم، تسألها الجدة "كيف هي الحياة في المدن؟"
"عليكِ أن تأتي لزيارتي هناك ذات يوم، الأشخاص كثر والأضواء في كل مكان، لا ليل في المدن، جدتي أشعر بأني طائر، طعم الحرية لا مثيل له"
"هل الطعام هناك جيد؟" تجلس إلى المائدة.
"هل هو جيد؟ إنه كالحلم… طعم يمكنك الموت بعده براحة" تحضر كأسين وتجلس قبالة جدتها.
"أنتِ تبدين أنحف"
الشمس البرتقالية تملأ المكان، وهدير حمائم تعالى بجانب النافذة.
تضحك بخجل "هناك الكثير من الفتيان الوسيمين الرائعين، والفتيات الجميلات الرهيفات، والنزهات المجنونة، أحاول أن أواكب ذلك العالم. هل أبدو كفتاة من المدن؟"
"نعم، نعم… هل تحبين أحدهم هناك؟ لقد أرسلتك لكي تري عالماً مختلفاً ورجالاً أفضل"
"شكراً لإرسالي" أضافت بثقة "كنتُ أعتقد إنه الأفضل، وأنا الآن على يقين… أنا سأتزوج برقاً… "
شرقت الجدة "أأنتِ واثقة؟"
"تمام الثقة… إنه صهر جيد، ألا تظنين؟ هل تمانعين أن يتم هذا الزواج؟"
"لا، برق شاب جيد" أومأت بعطف "لقد تمنيت حدوث هذا سراً"
"علي الآن الحصول على قلبه"
"سأساعدك… اخترت الأمر الأصعب" تغرد العصافير بكثافة، مع اقتراب المغيب الكلي.
"نعم، أريد أن أشكو لك الليل بطوله، إنه عنيد، صحيح إني قروية لكن سحري جذب الصغار والكبار والعجائز عداه، ما الذي ينقصني؟"
"سيأتي في النهاية… إنه ما زال يراكِ صغيرة"
أصبحت السماء رمادية، وهدأت الطيور.
"سأكون أصغر منه بتلك السبع سنوات اللعينة للأبد"
"ليس كذلك يا صغيرتي، ليس كذلك"
----
قضت الأسابيع التالية تحوم حوله كظله من الصباح إلى المساء، مرتدية زياً من الجينز وقميصاً أحمراً وقبعة من أغصان النباتات الجافة المضفورة، وقد ربطت شعرها على هيئة ضفيرتين، ساعدته في جمع البيض من قن الدجاج، حلبت البقر، روت الحقول، نظفت الحضائر، ركبت الحصان لوحدها، وتسترت بركب الحصان خلفه لتخفي رغبتها بعناقه، تناولت وجباتها مع المزارعين الثلاثة، ذهبت وكلها نشاط إلى منزله قبل شروق الشمس وأيقظته لبيع المحاصيل في المدينة القريبة وتسوق أغراض أخرى، زارت الجيران وتحدثت معهم طويلاً، كان الجميع يستقبلها بحفاوة ويرخي الآذان انصاتاً لأحاديثها المشوقة، أعدت الفطائر، وخبزت الكعك، امتلئ وجهها نمشاً دون أن تهتم، أرادت من كل ذلك أن تخبره أنها ما زالت قروية حتى وإن تغير شكلها قليلاً، إنها تريد أن تكون له، لكنه نادراً ما حدثها أو نظر لها.
عصر أحد الأيام،كانت قد أخذت سلة من التفاح والبسكويت والعصير، وارتدت ثوباً شبكي النقش، أصفر وأبيض، ربطت شعرها بشرائط، ارتدت قبعة بيضاء مزينة هي الأخرى بشرائط، جلست تستمتع بظل شجرة، وتشاهد المغيب وهو... هو الذي كان يسير في الحقول على غير هدف.
كان يوماً صيفياً منعشاً، الهواء عليل، وأشعة الشمس تخفف الروح، خلعت قبعتها حين اقترب، رمت نحوه تفاحة فالتقطها وقضمها، استلقى على بعد خطوات منها، أجالت
النظر فيما حولها، ثم حدقت به دون أن تشعر، ظهرت مسحة جد على وجهها الضحوك الطفولي، انخفضت الشمس، تحركت الغيوم، تفككت غيوم وتشكلت أخرى، قطعت حفنة من العشب بيدها ساهيةً.
قال لها بعد مضي وقت طويل "ستغادرين غداً؟" نهض واقفاً ونفض ملابسه، همهمت موافقة "رحلة سعيدة" ظهر شبح ابتسامة على وجهه، لوح لها مغادراً.
صاحت "برق… عليكما زيارتي، لن أتمكن من القدوم كثيراً بعد الآن"، لم يلتفت لها، "استعن بمزارعين أكثر… لا تنهك نفسك"
حنت رأسها، ابتسمت، لقد قضت وقتاً طويلاً معه، في المرة القادمة ستتزوجه، هي واثقة، ستعود امرأة حقيقية، وسيعجب بها، لا بل سيعشقها، ستمتلك قلبه وكل أحاسيسه، لن يستطيع الابتعاد عنها للحظة.
----
صوت رنين الهاتف أيقظها من نوم مبكر بعد ليلة متعبة، تثاءبت، مررت أصابعها في شعرها، رفعت السماعة.
"سارة" صوت برق على الطرف الآخر من الخط، توقف قلبها، إنه لن يتصل ولن يناديها باسمها إن لم تحدث كارثة.
"أأنتَ بخير؟"
"الجدة… سأحضرها إلى المدينة، إنها مريضة"
"تعال عبر القطار، إنه أسرع"
"سنأتي بالشاحنة" أغلق الهاتف.
صرخت "ذلك العنيد"
----
انقضى منتصف الصباح وهي تنتظر في المستشفى دون أن يغمض لها جفن، ما زالا لم يصلا، تنقلت بقلق بين الأقسام عسى أن تلتقي بهم في مكان ما، هو ليس لديه هاتف ولا يمكنها معرفة أين قد يكون.
حلت الظهيرة، الغيوم كثيفة سوداء في أعالي السماء، خشت إن شيء ما قد حدث، دخلت إلى الحمام، غسلت عينيها الساخنتين المتورمتين من النعاس والبكاء، خرجت بوجه مبتل وخطى متخبطة تسير في الممرات، فرأته يقف عند الاستعلامات يسأل، والجدة مستلقية على مقاعد وقد بهت لون وجهها.
عجزت عن الحركة، تجمدت في مكانها، يتصبب العرق من فروة رأسها وظهرها، أغلقت عينيها، لم تحتمل رؤية جدتها تعاني.
----
قال الطبيب "إنها بحاجة إلى عملية مستعجلة"، ثم وقعت على أوراق لم تقرأ أي منها.

جلست بجانبه، صرخت وضربته "ماذا فعلت لها؟ أوصيتك أن تهتم… لماذا لمَ تأتي بالقطار… إنه أسرع… قلتُ إنه أسرع"
أراد أن يمسكها، دفعته، فجُرح كفه بأظفرها، أحنت رأسها، وبكت.
أمسك جرحه، ثم همهم "إنها جدتي أيضاً"
كفكفت دموعها بظاهر كفيها، وأخرجت لصاقة جرح، عطر، ومنديل ورقي من حقيبتها، سحبت كفه، رشت عطراً على جرحه، فانقبض وجهه وكتفيه ألماً، ضحكت ضحكة حاولت كتمها، مسحت جرحه مرة بعد مرة، وضعت اللصاقة، ومررت أصابعها على أصابعه المتقرحة وجلده شديد الجفاف والمليء بالخدوش بحنان.
"قلتُ لك استعن بمزارعين إضافيين"
"غيرتُ لكِ ملابسك، أطعمتُك، حملتك على ظهري لتغفي، لقد ربيتك… لقد كان عمركِ عاماً"
"نعم، عاماً واحداً وتركني والداي… وأنتَ ربيتني حقاً" نظرت له وكان يبدو لها مختلفاً.
"يمكنكِ الشك بكل شيء عدا إنني أتقاعس في حماية الجدة… أنتِ محظوظة بأبوين معروفين وجدة، أنا عُثرت في أنقاض منازل دمرتها الحرب، هل برق اسمي أم هو اسم دمية كنتُ أردده؟… لستُ أعرف، ولن أعرف… الجدة غمرتني برعايتها، إن كانت غالية عليكِ لأنها جدتك… فإني أخدمها كقديسة"
وضعت رأسها على كتفه وأمسكت كفه بكلتا يديها "آسفة… أنا حقاً آسفة" أخذت نفساً عميقاً "لقد قلقتُ عليك… أنت متهور وعنيد، لقد مضى عامين منذ أوصيتك بالاستعانة بمزارعين ولم تسمع كلامي، تحب رمي نفسك في قلب العناء، ظننتُ إن مكروهاً حصل لكما"، لمعت الدموع في عينيها.
"إن كنتِ تحبين الجدة، اتصلي أكثر… إنها تخشى الاتصال بوقت لا يناسبك، لكنها تتوق بشدة للاستماع إلى أحاديثك"
"سأفعل" أومأت موافقة.
ربت على كتفها، ثم غفيا كليهما وهما بوضعيتهما تلك من شدة التعب.

----
في المستشفى… الساعة التاسعة مساءً...
تراقب جدتها بينما تقرأ صحفاً، تتجول في الغرفة دون أن تزعج المريضين الآخرين ومرافقيهم، تنظر من النافذة، السيارات تجري بسرعة، والمباني تبدو كشموع منيرة، احتضنت الصحف في يدها، والتفت نحو جدتها، ابتسمت حين رأتها تفتح عينيها، ركضت نحوها، قبلتها، لا يمكن لقلبها أن يكون أكثر سعادة.
"كنتُ سأخاصمك إن لم تتحسني"
تتحدث بصعوبة "بخير أنا، أطباء المدينة يبالغون"
ضحكت سارة، وهي تصب الماء لنفسها، قالت الجدة بلهفة "أين برق؟"
همست بأذن جدتها "اشتقتِ له سريعاً؟ فتخيلي قدر شوقي له"
"أين هو؟"
"لقد خرج قبل قليل" قالت بدلال "طلبت منه أن يحضر لي طعاماً"
"عليكِ أن تعامليه بأحسن ما يمكنك"
"أنا لا أرى غيره، كيف بالإمكان أن أكون أحسن؟" جلست على الكرسي بجانبها "عليه أن يحسن معاملتي هو"
"لقد طلب مني ألا أخبركِ…"
انحنت باتجاه جدتها باهتمام، أردفت الجدة "لماذا لم يكمل تعليمه؟"
"لأنه يحب الزراعة أكثر من التعلم"
"لقد كان الأول في المدرسة دائماً…"
"هذا صحيح، لماذا إذن؟" نظرت في الفراغ حائرة.
"لأنه إن ذهب للجامعة فلن تتمكني أنتِ من الذهاب للجامعة… ما زلتُ أظن إنه أحق منكِ بالحصول على تلك التكاليف، أنتِ فتاة ولن يزيدك التعلم… الشيء الكثير، هو رجل وحيد… وسيحدث ذلك كل التغيير في حياته… سيكون عائلته، ومستقبله… وفخره، وهذا هو الأهم للرجل"
"لماذا؟" اغرورقت عينيها بالدموع.
" قال إن الحقول بحاجة له ولن يعتني بها أحد مثلما يعتني هو، لا يمكنه تركنا وحيدتين… لكنني أعلم إن السبب هو… إنه ليس بوسعنا تدبر تكاليف تعليم شخصين"
"لماذا تخبريني بهذا الآن؟"
"ربما سأرحل قريباً… "
أمسكت بيد جدتها "لا تقولي هذا"
"لا أحد يعيش للأبد… وبرق حفيدي مثلكِ وأكثر، اعتني به، لا تؤذيه، لتريه المدينة… إنه يرهق نفسه كثيراً بالعمل ولم ير شيئاً من شبابه"
"توصيني على قلبي؟" تسأل مستنكرة وهي مبتسمة بمرارة تكبح دموعها.
"لا تتكبري عليه، لا تنسي ما فعله من أجلكِ"
"حسناً" نظرت بعيداً، ثم نهضت وحملت سترتها وحقيبتها قائلة "لا تنتظرينا ليوم غد" وخرجت.


-----
وقفت عند باب المستشفى تنتظره، ما إن وصل حتى أحاطت ذراعه بذراعها، وقالت بدهشة سعيدة "برغر! أنا مجنونة به"
لم ينظر لها، وواصل السير نحو مبنى المستشفى الرئيسي، أدارته باتجاه المخرج "ستأخذني إلى منزلي"
"ونترك الجدة؟"
"أوصيت الممرضات بها، الخدمة هنا جيدة"
"لن أترك…" أغلقت فمه بيدها، بحلق فيها مؤنباً.
"هي من توسل إلي لنذهب للراحة، أريد الذهاب للمنزل"
"سأوصلكِ وأعود"
"وكأنني سأتركك تعود" تمتمت ساخرة دون أن تجذب سمعه.
-----

نزلت من السيارة، وأخذت كيس الطعام معها، رفع كفه ليودعها فاختفت، فزع، بحث عنها يميناً ويساراً، قرعت نافذته وهي تبتسم وتشير له بالنزول، أشاح بوجهه، فقفزت أمام الشاحنة، نزل يتأفأف مُرغماً، نظرت له ببهجة "أنتَ لن ترفض دعوتي؟"
سحبته من ذراعه، دخلا المبنى،كانت تقفز في المصعد من السعادة، تُرتب شعرها الذي أصبح مائلاً للحمرة، قالت "لم يدخل أحد لشقتي سابقاً! أنا متحمسة"
قال "هل تغير شعرك؟"
نظرت إليه بترقب، لا يسعها العالم من فرحتها "هل أبدو أجمل؟"
"تبدين ككلبي"
فجأة اختفت تعبيرات وجهها، نظرت باتجاه آخر، ثم قالت وقد عادت بسمتها المشرقة "حسناً، لا بأس، أنا أشبه شيئاً تحبه"
فتحت باب الشقة، دفعته إلى شقتها دفعاً وهو يحاول التباطؤ والتصلب عناداً بها، رمت حذائها، فانحنى متذمراً لوضعه في مكانه، قفزت إلى نصف الشقة، صدرت "أوووبس" دون تفكير وهي تنظر إلى الطابق الأسفل خائفة عاقدة الحاجبين، ثم فتحت ذراعيها "مرحباً بك في عالمي".
جرت نحو الثلاجة، أمرها "سارة، اغسلي يديك".
ذهبت لتغسل يدها مطيعة ممتثلة لأوامره، ثم عادت للثلاجة، أخرجت قارورة كولا كبيرة باردة، تحيطها قطرات ماء متكثفة على جدران القارورة، رفعتها بجانب وجهها، افترشت الأرض، جلبت كأسين وصبته فيهما، وأخرجت شطيرتها وقضمتها قبل أن يتحرك من مكانه برق حتى، نظر لها مستعجباً، ضربت على الأرض ليجلس على جانبها لأن الطعام ملأ فمها.
"علي العودة سارة" بشيء من الرفق.
نظرت إلى الساعة التي تجاوزت العاشرة بدقائق "لا يمكنكَ العودة، سيارات الحمل والشاحنات لا يمكنها الحركة بعد العاشرة" نظرت بعيداً وكأنها لم ترتكب جرماً فظيعاً "نعم، خططت لهذا"
"أنتِ!"
"ستذهب معي غداً في نزهة، أنا أصر"
"لماذا؟" جلس على الأريكة متعباً.
"لأنكَ لن تأتي مجدداً لتتنزه فقط، لقد تركت عملين ومحاضرات الجامعة من أجلك" ناولته شطيرته وكأس الكولا، وحدقت في عينيه العميقتين كالبحر، ابتسم، ومسح على رأسها بلطف "متى ستكبرين؟"، "لن أكبر أبداً لأجعلك دائم القلق" قالت، فضحكت، ثم شغلت التلفاز، وفتحت باب الشرفة، وخرجت مطلقة شعرها للهواء الطلق.

-----

استيقظ على سريرها متعرقاً، وقد غطته بالأمس بغطاء ثخين خوفاً عليه من البرد، أبت إلا أن تنام خارجاً على الأريكة ويخلد للنوم في الغرفة على السرير فهو ضيفها.
انتشرت رائحة الخبز المحمص والزبدة والقهوة في الغرفة، قرعت الباب، أوشك على فتح فمه ليأذن لها بالدخول، لكنها كانت واقفة بجانبه قبل ذلك، مرتدية بنطالها الأخضر جرسي الشكل، وسترة بيضاء، سترة داخلية بدون أكمام حمراء وقميص أبيض… "لقد دخلت لأخذ ملابسي… لن أستأذن" أومأ مستسلماً "هيا! هناك يوم ينتظرنا"
أمسك يدها، أغمض عينيه متألماً، سرت رعشة كهربائية في جسدها، فقزت مبتعدة، تضحك ضحكة عصبية، قال متذمراً آمراً "لقد حطمتِ ظهري بالأمس أثناء مشاهدة فيلمك المضحك، ساعديني على النهوض"

----
ليوم بكامله نسيا من هما، ومن أين أتيا، يتنقلان كريشة من مكان لآخر بين حشود المدينة التي تنتشر كالنمل، أخذته إلى متجر أزياء كبير، صدم رأسه في الباب الدوار، فضحكت وكانت المرة الأولى التي تراه يضحك هو أيضاً، هناك اختارت له زياً معاصراً، ثم قادته إلى مصفف شعر غير تسريحته حتى بدا كنجم تلفازي لامع ، حسدها جميع من رآهما معاً في الشارع، التقطا صوراً في استوديو، دخلا إلى صالة السينما، ثم تناولا العشاء في الطرقات من العربات المتنقلة ذات الطعام المسيل للعاب، ثم حان وقت العودة للواقع، عادا لمبناها، ركب شاحنته الصغيرة الزرقاء، أسندت رأسها إلى النافذة، وقال "تلائمكِ المدينة"
"سنعيش ثلاثتنا هنا معاً"
"لن أترك الحقول…" قال حازماً.
"سيكون هذا عالمك… ستعتاد عليه"
"الجدة لن تقبل ترك الحقول أيضاً، آراكِ غداً" غمز، عاد وجهه للتصلب، وحرك سيارته، وتركها تقفز في مكانها غيظاً.
-----
مر عامين آخرين، أصبحت موظفة ثابتة في شركة أغذية، وأصبحت العودة للديار مهمة شاقة بل ومستحيلة عدا في مواسم الأعياد المكتظة، فقدت الكثير من حيويتها، نحلت وبرزت عظام وجناتها وقصها، كانت تشتاق لأسرتها، لمنزلها، وكان من المستحيل ثني جدتها عن عزمها بالبقاء في القرية، ولم تقبل جدتها أن تعود وقد حصلت على عمل ثابت، وبرق لم يأتي لزيارتها مجدداً كما توقعت.

لم تستطع النوم بما فيه الكفاية، لا وقت للراحة، تنتقل من مهمة لأخرى من الصباح حتى الليل المتأخر وحتى في أيام الإجازات الأسبوعية، وبهذا تفقد الفرصة الاتصال وتحقق مما يجري في القرية، يزداد قلقها على جدتها التي أصبحت أكبر، واليوم يفرق جداً في سني العمر المتقدمة.
شقتها مظلمة، ملابسها منثورة، أمام التلفاز المشع تبكي كل مساء حتى يحل الفجر ويتحنن النوم ويراودها لساعة أو اثنين، لا يدخل إلى جوفها سوى أكواب من القهوة السوداء، عينيها ذابلتان يحيطهما سواد المجرات، تجبر جسدها المتراخي على الحركة جبراً، وحين تحظى بوقت كافٍ، ولا تعود قادرة على الهروب أو الكتمان، كانت تستلقي على سريرها حيث نام ذات مرة برق، وتغطي نفسها، وتتخيل إنه يعانقها، وتشكو دون توقف لساعات، وتلومه لأنه لم يضحي قليلاً من أجلها، لقد حاولت إقناعه على القدوم، اتصلت مراراً، وذهبت للقرية أربع مرات في كل شهر وعلى مدى ستة أشهر حارمة نفسها من الراحة ومقتصدة في مصاريف العيش من أجل تغيير رأيه، لكنه واجهها دائماً بوجهه الصلب وكأنها لم تتحدث وكأنه لم يسمع شيئاً، هي متيقنة أنه لو لان قليلاً لاستطاع تغيير قناعات جدتها، هي لن تتركه وحيداً، وهو اللعين يتحجج بجدتها ليبتعد عنها، ما الذي أخطأت به حتى يعذبها وينبذها بهذه الطريقة؟ خطأها الوحيد إنها أحبته هو، وتطلعت له هو… وهو فقط طوال حياتها.

----
كانت قرابة الخامسة مساءً حين عُثر عليها في مصعد الشركة مغشياً عليها، كحلها ساح من البكاء، وملابسها تلطخت بالقيء.
فتحت عينيها في غرفة الاستراحة ترتدي قميصاً رجالياً، الإضاءة خافتة، أرادت أن تنحب، ثم فكرت فلم تجد لذلك فائدة، لن يشفق عليها أحد، ولن تجلب لها الدموع جدتها وبرق، إنها تتقيأ وتفقد قوتها بشكل متكرر، ولا يشكل لها هذا شيئاً جديداً، كل ما في الأمر إنهم اكتشفوا، وليكتشفوا، ما الذي سيحدث؟ ما دامت ليست مدمنة فلن يشكل لها ذلك إرباكاً.
نظرت إلى الساعة، إنها العاشرة، حملت حقيبتها وغادرت.
أمام بوابة الشركة، جالساً على حوض زهور، متكئاً على عمود الإضاءة، نادي أحد زملائها في العمل، لم تتحدث معه كثيراً، لكنه موجود منذ فترة تدريبها، خافضاً رأسه يفكر، شعرت بالشفقة عليه فلعله مثلها لا يريد العودة إلى المنزل أو لعل العمل لم ينتهي بعد، اقتربت منه، نادته، رفع وكأن الحياة بعثت به للتو، حدق بها بود "ستتناولين العشاء معي"
"مضى وقت العشاء" غير مكترثة.
"لا رفقة لدي، أنا قروي مسكين"
"طعام صيني؟"
"طعام صيني" أومأ مؤكداً، حل ربطة عنقه ووضعها في حقيبته، ثم قال "قميصي يبدو لائقاً عليكِ… المشكلة فمن يرتديه إذن!"
----
جلسا متجاورين حول طاولة تحيط بطباخين محترفين يتلاعبون بالطعام لإدهاش الحاضرين، الإضاءة منخفضة، الموسيقى تتهادى برفق، لم يتحدثا إلا حين كانا يقرران ما يطلبانه من طعام، بعد اللقمة الأولى، اضطرم في داخلها شيء كانت تقاومه وتبعده، شيء لا شكل له ولا أوصاف وهذا ما يجعل الأمر صعباً، انفجرت بالبكاء، شرقت باللقمة دون أن تحاول تهدئة نفسها، خفضت رأسها وغطته بكفيها، رأسها ثقيل، وهي كتلة لزجة خضراء مُحرِجة، رتب نادي الأقداح أمام وجهها، وخلع سترته وغطاها بها كعناق متنكر، ربت على ظهرها، فتركت نفسها تميل نحوه، وتستند عليه.
ومنذ ذلك اليوم أصبحا صديقين قرويين يخففان وحدة بعضهما بتناول الوجبات سوياً، يتسوقان سوياً، يحلان العقبات التي تواجههما سوياً، يثرثران ويتذمران من العالم غير العادل، ومن العائلة والأصدقاء في القرية، ومن العمل المجحف حتى الفجر وهما يتجولان المدينة سيراً على الأقدام شارعاً بعد شارع لأنهما لا يريدان العودة للمنزل، كانا غالباً ما يذهبان للمستشفى سوياً لأن صحتهما لم تستقر يوماً… وكان نادي لديه أفكار جنونية نافعة بما يتعلق بالعيش الوحيد فقد سكن المدينة وعمل في الشركة لمدة أطول منها، مما ساعدها على التحسن السريع والعودة إلى ما يشبه حالتها الأولية.
----
في قريتها، برفقة نادي، للبحث عن مزودين جدد بالمواد الأولية، تنشر ضحكاتها في الطرقات، تلاعب الشمس، تذهب للقاء المزارعين، تفحص المحاصيل بتركيز وكأنها صاحبة الشركة، ولم تأتي على ذكر المنزل، ثم قاد نادي السيارة بها إلى حقول أسرتها، نظرت له بتعجب "هذا منزلي"
"إنه على اللائحة"
أحاطته بذراعيها، وقبلته قبلة قوية على خده، وقالت والضحك والبكاء اختلطا "كيف يمكنني شكرك؟"
ضحك، ثم تنحنح وقال بعزيمة "أتتزوجيني؟"
قتم وجهها، كانت تنتظر هذا العرض، كانت مستعدة للزواج بل متشوقة منذ الطفولة، لكنه ليس من الشخص الذي حلمت به يقولها بل كانت ستعرض عليه الزواج بنفسها لو عاملها كما يعامل حيوانات المزرعة، نزلت دموع من عينيها.
"هل تعجلت؟" سأل خائفاً.
أشاحت بوجهها، زفرت بغضب، فتحت النافذة، رمت الأوراق على الأرض، مما جعله يضطرب ويوقف السيارة، فتحت الباب، ودفعته برجلها، تبعها وجلاً، واجهته بسخط.
"أهكذا يطلبون الزواج؟ اركع على ركبتيك" ثم فتر فمها عن ابتسامة بغير رضاها.
"صحيح...صحيح، أنتِ لا تخطئين يا حبيبتي" انحنى على ركبتيه وقد أحرقه لهيب الجوى، أخرج علبة حمراء من القطيفة من جيبه، خفض رأسه، أغلق عينيه وقد تغضن وجهه، رفع العلبة وفتحها، فبدا خاتم رقيق وجميل فتنها إلا إنها أبت إظهار ذلك لتعذبه، وقال "أتقبلين بي زوجاً لكِ؟ سيكون هذا أسعد ما حصل في حياتي"
"طريقتك الآن مقبولة، إمممممم دعني أفكر"
نهض، وضمها من ظهرها، ودغدغها لترخي يديها، "ماذا تفعل؟ اتركني" قالت ضاحكة، وضع الخاتم في يدها قسراً، وقال "لقد أحرقتِ قلبي أيتها الظالمة، تلاعبت بي، عليكِ تحمل هذا" أدارها نحوه، تورد خدها خجلاً، وخبأت رأسها في صدره، "متى حضرت الخاتم؟"
"منذ قررتُ الزواج بكِ"
"ومتى كان ذلك؟"
"منذ بكيت أمامي؟ منذ ارتديت قميصي؟ منذ رأيتكِ لأول مرة؟… لا أعلم… لقد دمرت خطتي، أردت تقديم الخاتم أمام الجدة"
"لنسرع للقائها"
----
دخلت إلى المنزل وقد شابكت كفها بكف خطيبها نادي، متفائلة بنشر البهجة بما في حوزتها من أخبار سعيدة، دخلت إلى الصالة فوجدتهما جالسين كما توقعت، وبعد التحية وإغراق جدتها بالقبل، عرّفت رفيقها "جدتي، نادي خطيبي وزميلي في العمل… نادي هذه جدتي" امتقع وجه الجدة وبرق.
ثم تباطأت حين أدارت وجهها باتجاه برق، قلبها تجمد، كيف تُعرّفهما ببعضهما؟
"نادي هذا برق… برق" فكرت "برق جارنا وأخ عزيز لي… برق هذا نادي… خطيبي"
لم تستطع أن تعرف برق بتعريف لائق ومناسب غير ما قالته، هو ليس جاراً، وليس أخاً، إن ما بينهما أعمق من البحار، وأكثر اتقاداً من الشمس، وأحكم وثاقاً من أصفاد المحكومين، لقد رأت في عينيه الآن فقط نظرة لوعة وتوق، لقد كان كمن دُق على رأسه، كثمل مشتت هو الذي لم تره سوى متماسكاً كجبل من الصُلب، نظر لها معاتباً، هنأهما بكلمات متناثرة، وخرج سريعاً.
-----
ذهبت إلى الحظيرة لتفقد بقراتها اللواتي تعشقهن، كان ينتظرها هناك متيقناً قدومها، وقال حالما رآها "أيتها المتلونة الزائفة! أنظري إلى ما أصبحت عليه… لقد غيرتك المدينة، فأصبحت مقيتة… جدتك ألم تفكري بها؟ هل تضحكين بوجه كل رجل يرافقك، هل تقبلين الزواج بسهولة؟ هل أنتِ رخيصة لهذه الدرجة؟"
كلما فتح فمه خرجت أقسى الكلمات، وكانت قاسية تحديداً لأنها منه، وهي كانت واقفة كورقة بنية تتمسك بكل قوتها بالغضن، تصاعد غيظها، وذابت كمداً، وبكت بحرقة، لكنه لم يتوقف عن رميها بكل كلمة مهينة خطرت في باله، ثم غادر دون التفات لها.
----
كانت تحضيرات الزواج تجري على قدم وساق، وكانت في زيارة لدار الأزياء لقياس الفستان الذي كان يخاط لها خصيصاً حين وردها اتصال من رقم جديد، ردت مبتسمة وسرعان ما زالت بسمتها، واعتصر قلبها ألماً، فصرخت لشدته، ومسدت صدرها، ثم غادرت مُسرعة.
----
أمام شقتها… يقف هناك، مرتداً الزي الذي اشترته له، وقد صفف شعره كما كانت قد اقترحت، أرادت أن تعود أدراجها لكنه رآها ولوح لها، لم تستطع كتمان رغبتها في البكاء، وجلست القرفصاء في نصف الشارع، اقترب منها وجلس القرفصاء بجانبها وهو يغالب دموعه، وقال بصوت متشحرج "لماذا تبكي عروستنا الجميلة؟"
"جميلة؟ إنها تبدو مثل كلبك"
"كانت دائماً جميلة، وستكون كذلك للأبد"
"لماذا الآن أيها الأحمق؟ أنت متأخر جداً" شهقت وتعالى بكاؤها.
"يا لي من خاسر! لقد تركت حب حياتي يضيع من يدي"
"لقد عشقتك بكل حواسي طوال عمري، لقد تطلعت إليكَ وإليكَ فقط، لماذا فعلت هذا بنا؟" صرخت موبخة.
"لا أحد غيركِ بالنسبة إلي… ولن يكون" رشقته بقبضاتها حتى أضناها التعب، فأسقط نفسه ليريحها.
"لماذا أبقيت هذا الفم مطبقاً؟ أتريد قتلي؟ أهكذا تعذبني؟" ضربته على شفتيه.
"وكيف يعذب المرء فؤاده؟ لو رأيت ما في داخلي ما رأيت سواكِ… كنتِ دائماً السؤال والإجابة، الحلم والحقيقة بالنسبة لي… كنتِ كل ما بغيته وتمنيته من الحياة"
نظرت له بحنو كما اعتادت أن تنظر، فقال "كنتِ صغيرة فانتظرت أن تكبري، كبرتِ فانتظرت أن تتعلمي وتري العالم الواسع وتنهلي من بهجته كما يليق بك، فحصل وابتعدتِ، أصبحتُ مجرد قروي عنيد، حجر يعيق تقدمكِ، أردتُك أن تسعدي بأي طريقة حتى لو كان ذلك بعيداً عني…"
قاطعته هازئة "أأنت سعيد الآن؟"
"قلبي يتقطع سارة، علمت إن العذاب سيكون من نصيبي للأبد حين رأيتكما معاً… كم كنتُ مخطئاً"
وقع الصدمة أفقدها صوابها، فقالت بصوت ضعيف غمامي "لقد حلمتُ بك في صحوي ونومي… لقد أحببتك حتى نفد الحب من قلبي، أين كنتَ حين صرخ كل جزء مني بحبك؟ أين كنتَ عندما توسلتُ أن تبقى بجانبي؟ لو منحتني بصيص أمل لانتظرتك حتى فناء الأكوان"
ابتسم بلطف "إذن أحببتني؟… لم أعلم بهذا مطلقاً، لو عرفت لما تركت نظرتك العطوفة تسلب مني" قبّل جبينها، وأجلسها على الأرض.
"أنتَ أحمق… أحمق حقيقي"
أمسك كفيها، ونظر إلى الخاتم بحسرة "كان عليه أن يكون خاتمي"
"هذا ما أعنيه" قالت ساخرة.
"حشاشة القلب وهناء الروح، سأحبك وأبقى وفياً ما حييت لهذا العهد، كوني بخير ما يرام... هذا كل ما أريده" أشاحت بنظرها بعيداً، فأردف "يمكنني الموت بسعادة الآن… لقد أحببتني بالقدر الذي أحببتكِ به وهذا كافٍ… أنا آسف أكثر مما يمكنني التصريح به، وأكثر مما تحتمله هذه السماوات وهذه الأرض"
 الدموع تنحبس في عينيها وتضغطهما حتى كادا يخرجان من موضعهما، في ذهول وحنق وحسرة "سأكون سعيدة، لن أكون حمقاء مثلك… لقد علمتني درساً قيماً"
فرجت أساريره "هذا عظيم… هذا عظيم"
نظرا إلى السماء الزرقاء البعيدة، وقطع الغيوم البيضاء، انسابت جموع الناس الغفيرة حولهما غير مكترثة.
-----
قالت المذيعة غارقة في تفكيرها: إنها قصة مؤلمة بالفعل، أي شيء قد حصل بعد النهاية؟
كتب جبران ذات مرة "أريدك أن تذكرني مثلما تذكر الأم جنينًا مات في أحشائها قبل أن يرى النور"، هل تذكرون أحد ما سراً؟
(أضافت بطريقة آلية مع بدء صوت موسيقى الختام)  شكراً للاستماع، نلتقي غداً مع قصة جديدة، لا تنسوا إرسال قصصكم على بريدنا الرقمي، أتمنى لقلوبكم الشفاء، ليلة سعيدة.

تـــــــــــمـــــــــــــــــت

3:06 ص
2020/5/1
سمانا السامرائي

القصة مستوحاة بشكل أساسي من أغنية (متأخر بوعد) وأغنيتي (أبحث عن قصة حب جديدة) و(ماذا سأفعل حيالك؟) بشكل فرعي، وهم جميعاً من ألبوم (ماذا سأفعل حيالك؟) لـ (ريبا ماك إنتاير) الصادر في عام 1986م، وهي هدية الربيع لعام 2020.

Share on Tumblr

تعليقات