التخطي إلى المحتوى الرئيسي

كنافة

كنافة





صورة بواسطة : man about town







الساعة الحادية عشر صباحاً
يوم جميل في أوائل الربيع
في مقهى…

جاء دورها لتطلب أخيراً ، إنها تتحدث كما لو إنها مندهشة لا تعلم ماذا يجري في الحياة دائماً.

يقول الشاب الذي يقف خلفها مستعجلاً في نفس الوقت معها دون أن يلاحظ إنها لم تطلب بعد
- إسبريسو مع كنافة بالقشطة من فضلكِ. (بصوت عالٍ مفعم بالحيوية والنشاط)
- إسبريسو مع كنافة بالجبنة من فضلكِ. (بصوت أنثوي ناعم وواضح)
- لكن الإسبريسو مع الكنافة بالقشطة ألذ!
التفتت مبتسمة باستغراب: أوه حقاً! (تردف موضحة) لكني أفضلها بالجبنة.
- أنتِ لم تجربيهما معاً، صحيح؟
- صحيح. ليست المفضلة لي. (أومأت بالموافقة)
- جربيها وستشكريني…
العاملة بابتسامة لطيفة: ماذا أسجل الآن؟ الصف يصبح أطول.
الفتاة: كنافة بالقشطة.
الشاب فخوراً: لن تندمي.
صنعت دائرة بأصبعيها السبابة والإبهام بحذر.

<<<<
بعد يومين…
كان يسجل طلبه، حين وصلت مستعجلة فسرها إن الذي يسبقها شخصاً تعرفه، استأذنته بإشارة من يدها وعينيها وتعبيرات وجهها
- هل…؟
- بالطبع بالطبع تفضلي.
- شكراً. إسبريسو مع كنافة بالجبنة… سأخذها معي. (التفت نحوه قبل أن تفسح له المجال) شكراً على الاقتراح، إنها لذيذة… ما رأيك بتجربة الكنافة بالجبنة أيضاً؟
- سأفكر. (نظرت له متسائلة كأنه خان عهداً غير ملفوظ بينهما) سأجرب. (بتأكيد)
- يوم سعيد.
-ولكِ.
<<<<

بعد أيام
الرابعة عصراً
في المقهى…

جالسة برفقة صديقاتها تتناول شطائر ومخبوزات مع الشاي كوجبة غداء متأخرة، تسمع صوتاً من مجموعة من ثلاثة شباب يمرون من الباب إلى طاولة على يسارها مارين خلفها يقول: شكراً لك على الاقتراح، أحببتُ الكنافة بالجبنة.
فكرت وقد تجعد وجهها وأغلقت عينيها وكأن شيئاً ما يسقط على رأسها " مجدداً! إنه يظهر في كل مكان مثل شبح!"، ثم التفتت نحوه وتبسمت بامتنان ولطف.
الصديقات: من هو؟
- رجل الكنافة! شخص يشرب الإسبريسو مع الكنافة.
- إنه أمر نادر.
- هذا ما فكرت به! لكنه يفضل الكنافة بالقشطة.
هزت رأسها بيأس.
- هذا قديم الطراز حقاً! لم أكن أتوقع إنهم ما زالوا يفعلون هذا.
تفهمت صديقاتها سوء الوضع وانعدام الأمل.

في الوقت عينه تحدث الأصدقاء قائلين: من هي؟
- فتاة الكنافة! إنها تأكل كنافة بالجبنة وتظن إنها أفضل من الكنافة بالقشطة. (وكأنه يقص أحداث حادثة عجيبة وخطيرة)
- إنها لا تفهم ما معنى الحلوى بتاتاً! الجبنة كيف لها أن تكون في طبق وندعوه بالحلوى؟!
- لهذا علمتها الصواب، وجعلتها تناول الكنافة بالقشطة. (برضا)
- لقد كان هذا ضرورياً، لقد أحسنتَ صنيعاً.
أومئ الجميع بالموافقة


<<<<

بعد شهرين
في أحد أيام أوائل الصيف
في المقهى…

يختار كرسياً بلا تركيز ويضع صينية طعامه على طاولة فتكون هي الطاولة المقابلة لطاولتها مصادفة، يجلسان متقابلين.
في صحنه هو كنافة بالجبنة، وفي صحنها هي كنافة بالقشطة، ينظران لصحنيهما وهما يبتسمان بخجل وخزي وكأنهما أُمسكا بالجرم المشهود، ترتفع حرارة جسديهما كأن الحمى أصابتهما، ويصبح الوضع غريباً.


<<<<

بعد أربعة أشهر
في يوم خريفي
في المقهى…
يقفان بجانب بعضهما
تنظر له: بالجبنة أم بالقشطة؟
يضع يده اليمنى على المنضدة، يلمع الخاتم الفضي، فتبتسم العاملة بسرور في الخفاء لكن لا أحد منهما ينتبه لأنهما مشغولين بالنظر لبعضهما،
يوجه للعاملة سؤالاً: أيهما ألذ اليوم؟ اختاري لنا.
العاملة: لقد طورنا كنافة خاصة بنا بمزيج القشطة والجبنة، ما رأيكم بها؟
قالا سوياً مرحبين "هذا جميل"
"هذا رائع"

<<<<

بعد ثلاثة أشهر
في أمسية شتوية باردة
عند العاشرة مساءً
في منزل…

يشاهدان مباراة كرة قدم بحماس ثم فيلم تشويق وإثارة متماسكي الأيدي وهما يتناولان المكسرات والكنافة المحشوة بخليط من القشطة والجبنة مع الشاي.

كما يلتصق المغناطيس بالحديد، كما تتداخل خيوط الكنافة ببعضها ومع الحشوة بطريقة يصعب فصلها، هكذا كانا يعيشان، كفصل ربيع أبدي ساحر.


<<<<

مستلقيان على السرير متقابلان يحدقان بعيني بعضهما بعاطفة متقدة ورقيقة بعد يوم عمل طويل.

<<<<

بعد أربعة أشهر
الربيع هنا لكنه لم يصل إليهما بعد، أو لم يصلا إليه بعد


مستلقيان يحدقان في السقف بلا أي تعبير.


<<<<
بعد ثلاثة أشهر


مستلقيان يواجه ظهر أحدهما الآخر، الغرفة معتمة كيوم شتاء غائم للغاية رغم إن الصيف ملتهبٌ خارجاً، أرواحهما ليست في هذه الغرفة، وليست في مكان آخر أيضاً، إنها غير موجودة وحسب.


<<<<
بعد شهر


عند الخامسة مساءً تتناول الكنافة بالحشوة القشطة مع الإسبريسو مع صديقاتها في المقهى.

أنهى أعماله لكنه يشاهد مباراة تنس بينما يتناول الكنافة بالحشوة المختلطة مع أمريكانو مثلجة على مكتبه في الشركة الشبه مظلمة بعد إن غادر الجميع.


<<<<

بعد شهرين

في المنزل...

الإضاءة ضعيفة، وجوههما ذابلة كأشجار الخريف، مظهرهما غير مرتب، يجلسان متقابلين إلى طاولة الطعام.

يحاول أن يقاوم الدموع، نظرات مترجية: هل هذه نهايتنا حقاً؟

تومئ موافقة، تعبث بشعرها محاولة تصفيفه، تحاول الابتسام لكن دموعها تنهمل كالمطر، وشفتيها ترتجف بوهن: من كان بإمكانه تخيل ذلك حتى؟



<<<<



بعد شهر
الساعة الحادية عشر صباحاً
يوم شتوي بارد
في مقاهي مختلفة…

يجلسان على طاولتين مختلفتين، ظهر أحدهما يواجه ظهر الآخر وكأنهما يريان بعضهما،

تتناول هي الكنافة بالقشطة برفقة الإسبريسو، 
بينما يتناول هو الكنافة بالجبنة مع جرعة مزدوجة من الإسبريسو.





تـــــــــــــمــــــــــــت






10:24 م
2018-03-15 الخميس

سمانا السامرائي
Share on Tumblr

تعليقات

  1. جميييييييله جمييييييييييييله جميييييييييييله !
    السرد التفاصيل السريعه عنصر الربط حبيته فعلاً .
    في البدايه استغربت ليه خاصة اخترتي الكنافه؟ وبالقشطه؟ ارتبت بشان الفصحى لان عادة ما اقرا نص فصيح يتحدث عن الكنافه او ان عقلي مابرمج النطق لها بالفصحى حتى الآن، لكن سحر كتابتك ادى غرضه بالبرمجه.

    نتكلم عن الانتقالات فالقصه بعد اذنك عندي نقد بسيط فيها، فالبدايه كنتي تذكرين بعد يومين بعد شهرين كانت انتقالات بسيطه جداً وبسرعه كنت قادره اني استوعبها لكن بالنهايه بدت الانتقالات تكون كبيره، انا سيئه في الرياضيات لذلك هذا الشيء تقريباً سبب لي توقف عن القراءه فجاه ودعاني احسب كم مر يعني هم باي شهر؟ كم صارلهم؟ لكن لو ذكرتي مثلاً التاريخ بشكل محدد مثلاً "٣٠ ديسمبر" هنا افهم اوه انه الشتاء، بعدها "اغسطس ١٥" اوه هم بالصيف ، فهمتي؟ نقد بسيط رغم انه مايخرب جمال كتابتك لكن بيساعد بطء استيعاب الحسابات عند الاشخاص امثالي 💛.

    ردحذف
    الردود
    1. شكراً شكراً شكراً لأنك قرأتيها ولمشاركتك رأيك معي 🍃 🌸 🍃

      بكل تأكيد مرحب بالنقد وكل التساؤلات وشاكرة لإعلامي برأيك

      هنا لا أهمية كبيرة للوقت، لذلك لا تواريخ محددة، فقط أشهر تمضي جالبة معها تغيرات في الجو، وتغيرات نفسية، وتغيرات على صعيد العلاقات بين الشخصيات، التركيز هنا على الكنافة وحدها التي لها دلائل متعددة..

      أتمنى أن يكون هذا قد أجاب على تساؤلاتك، وسأعمل بجد وشغف لأكتب قصة أكثر إحكاماً في المرة القادمة لكيلا تتسبب بالحيرة..🌾☘️

      حذف
  2. ماريّا 🌸3/16/2018 6:16 م

    ..


    بعد انتهائي من القراءة "اووه، أريد كنافة بالجنبة والقشطه حالا!"

    القصه جميله لطيفه��
    "ولكن لم كانت النهايه هكذا" هذا ماقلته لنفسي
    ولكن هنالك الكثير من الإحتمالات التي فكرت بها����

    ردحذف
    الردود
    1. فلتقومي بزيارة أقرب متجر حلويات رجاءً، ليس من الجيد جعل معدتك تنتظر طويلاً 😄


      شكراً لقراءتها بحكمة وتمعن أعتز بأفكارك. 💫💟

      حذف
    2. إلهي ما هذا الجمال ..
      الإبداع بعينه ..
      قصة قصيرة لكنها عميييييقة جدًا ..
      حقا كانت مفاجأة جمييلة ولذيذة..

      أنا أيضًا أرغب بكنافة وبالنكهة المبتكرة :(
      عليك ديون متراكمة أطلبها منك .. وهي أصناف الطعام الذي تكتبين عنه كوني مستعدة يوما ما ستعدينها لي بإذن الله 😍👏😜

      حذف
    3. شهادتك هذه ختم جودة أعتز بها
      سعيدة لأنها أعجبتك 🌿🌸🌿

      وزعت وصفة كنافة بعد هذه القصة على عدد قراءها، لعل علي إرسال نسخة منها لك😄

      حذف
  3. اووووف ..رائعة كما انت

    ردحذف
  4. اشتهيت الكنافه فجأه😋😂😩

    ردحذف
    الردود
    1. عليكم الحذر من السعرات الحرارية 😄💙

      حذف
  5. سمااناا اببببغى كنافة بالجبنة والقشطة 😭💛💛💛
    حبييييت طريقة السرد وكيف ان الكلام مبسّط وقليل بس تخيلت مواقفهم وحتى اشكالهم كأنهم انمي:(
    استمتعت بالتوفيق ✨💛💛💛💛💛

    ردحذف
    الردود
    1. ما رأيك بصناعتها؟ 😃

      شكراً لمرورك في المدونة وقراءة النص💗🍃

      حذف
  6. يمممه ليش حزين كدا☹️💔
    عشت جو جد مع الموسيقى احسنتي الاختيار
    سمحت لخيالي بأن ياخذ راحته وتعمقت في تفاصيل ماكتبتيها نفس اشكالهم هيأتهم وملابسهم والاجواء الورديه والكئيبه بينهم☹️
    ونهاية القصه اشتهيت اذوق كنافة الجبنه بالقشطه😁
    يعطيك العافيه سمانا✨💕
    ابتهال🌸

    ردحذف
    الردود
    1. سعيدة بمعرفة رأيك ومعرفة إنها أعجبتك صديقتي ابتهال

      ومع الأجواء الرمضانية الآن لا بد إنك سئمت من الكنافة الآن. ^^

      حذف
  7. بعد كل تلكك المصادفات الجميله اعتقدتها نهايه ورديهه باهته!
    شكرا لجعلها اقرب للواقع ف كانت غير متوقعهه و ممتعه جدا!

    احببتها جدا! 🌸💜💜💜

    ردحذف

إرسال تعليق