التخطي إلى المحتوى الرئيسي

تلك الليلة المظلمة

تلك الليلة المظلمة




ملقى على قارعة الطريق، أمام بوابة المستشفى بين حشود الناس التي تتحرك دون هوادة، لطخات من الدم تغطيه من رأسه حتى قدميه فتظنه مثخناً بالجراح، عيناه تائهتين، سكرة الألم أفقدته إتزانه وأودت به... لقد كانت صدمة قوية لم يستطع استيعابها بعد، لقد قاد مسرعاً ليصل إلى المستشفى، قاد بسرعة ليحميها من آلام الولادة فهي رقيقة ومرهفة كقطرة ندى تختفي مع أشعة الشمس الأولى، قاد مسرعاً لأنه أراد لقاء ابنته أبكر، خطط كيف سيرعاها، كيف سيقضي حياته معهما حتى آخر يوم لرحيله من هذه الحياة، لن يجعلها تنجب مرة أخرى، مرة واحدة تكفي، لم يرد أن يسمع صرخاتها التي تطلق بحدة وضعف من أعماق الألم.

مر شيخ كبير بجانبه وسأله بمحبة قلقة: ماذا بك بني؟ ما الذي أصابك أين جُرحت؟
فقال وهو ينظر في الفراغ: لقد جرحت نفسي جرحاً لا شفاء منه، لقد قتلت عائلتي... لأنني أحبهم جداً... زوجتي وابنتي التي لم أرها بعد.
فقال الشيخ بصوت يخبو تدريجياً وهو يبتعد: إن جراحنا هي التَشققُات التي يَدخُل منها النور، لذا أنا مُمتن لكُل جراحاتي.*

ثم اختفى بين الحشود أمام عيني الشاب الذاهلة تاركاً الشاب غارقاً بإحساسه بالجنون.



سمانا السامرائي
10:30 م
30/1/2018





*جلال الدين الرومي






Share on Tumblr

تعليقات


  1. كالعادة النهايات الغامضة التي تأخذنا في متاهة التفكير اختصاصك 😭💔
    وأحببت نشرك للنص 😍 شجعني لنشر نصي كذلك 👏🏻

    ردحذف
    الردود
    1. سيسعدني أيضا ان أظهر نهايات أكثر ابداعا وتشويقا في المستقبل، ترقبي ذلك.

      شرف لي إن تكون المدونة شجعتك 🌱

      حذف

إرسال تعليق