خيط المحبة
قضيتُ وقتاً طويلاً أبحثُ عن المحبة حولي، أين اختفت؟ أين رحل الأصدقاء الحقيقيون ؟ أين رحل شعور الأُلفة الذي يجمع العائلة الواحدة، وأبناء الحي الواحد، والمدينة الواحدة، والدولة الواحدة، والعالم الواحد؟
بدأ بحثي عن المحبة لأني وجدت نفسي وسط عالم غريب، لا يمكنني حتى تخيل طلب المساعدة من احدهم، وما جعلني أبدأ بحثاً حقيقياً هو إني ذات مرة حدث وإن دُهشت لأن أحدهم كان مهذباً جداً في التعامل معي، حينها قلتُ لنفسي " أي عالم هذا الذي تصيبنا ندرة الأشياء الجيدة بالدهشة، بينما تَقَبّلنا بالكامل كل الأمور السيئة، كأنه أمر واقع لا مناص منه؟".
حين سألت العالم حولي مراراً وتكراراً عن تلك المحبة، لم يجبني ذلك العالم، وعوضاً عن ذلك بدأ بتجفيف المحبة داخلي، وجعلي مثل الآخرين تماماً، أنانية، غير واقعية، ادعي إني المتألمة الوحيدة في الحياة، لا أسأل عن أحوال الآخرين بحجة انشغالي بأمور لا أعلم أنا ما هي، وانتظر الحصول من الآخرين على الإهتمام، والحب الصادق، والهدايا، والدعاء من كل أحد في الدنيا.
والأسوأ، والأكثر شناعة فمع كون الآخرين يحيطوني بكثير من الحب بدأت نفسي بإيهامي إن لا أحد يحبني كما أستحق، وأني أفضل منهم دائماً لامتلاكي لقلب طيب لا يحقد، ولا يكره، ولا يخطئ.
كنتُ أشاهد التلفاز، وأقول ليت لي مثل هذه الأخت، وليت لي مثل هذا المعلم، وليتني في مكان آخر... وهلم جراً، حينها أدركتُ إنني لستُ سوى نسخة عديمة المحبة مثل الآخرين، وقررتُ أن أكون شخصاً متفهماً، محباً، دافئاً، يشعر الناس بالراحة حين يفضون له بمكنونات أنفسهم.
غير إن ذلك الحلم كان رومانسياً قليلاً إن حاولتَ فعله فجأة، وعانيت كثيراً حتى تعلمتُ درسي، وتعلمتُ إن الحب أيضاً يحتاج لطرق لتهيئة نفسي والآخرين لتبادله بطرق صحيحة وسليمة من دون إحباط، وقررتُ أن أشارككم تجربتي.
هل ترغبون في تعلم كيف تمدون خيوط المحبة من قلوبكم إلى قلوب الآخرين؟
-تشخيص إن العالم يفتقد للمحبة فعلاً، وإنكم مقصرون في نشر المحبة حولكم.
- المحبة هي الثقة، والصدق، والإحترام، والمواساة، والمراعاة، والقدرة على الاتكاء براحة على الآخر.
- المحبة ليست أُلفة، فبينما تأتي أُلفة مجاناً مع كل شيء نقضي معه وقتاً وتذوب ما إن نفترق، تحتاج المحبة للعمل الدائم في تطوير نفسك، ومعرفة احتياجات الآخر، وصيانة العلاقة بينكما، لعلاقة محبة عميقة تدوم طويلاً حتى ولو فرقتنا المسافات.
- قاعدة (الذي يعاملني جيداً، أعامله جيداً، والذي يسيء لي، أعامله بالمثل) ليستْ من المحبة، إنها قاعدة رد دين، وتمسح للبغضاء بالانتشار.
- عامل الناس كما تحب أن يعاملوك ولكن!!! لا تتوقع أن تحصل على أي نوع من الجزاء الحَسِن، حتى لو كان ذلك الجزاء كلمة "شكر"، لأنك لو توقعت أي نوع من أنواع الجزاء، فأنت تُحسن لتحصل على المحبة، وهذا يعني إنك تعمل لنفسك أيضاً، وستتوقف عن المحبة والإحسان لو لم يشكرك الآخر.
- لكل شخص أسبابه للتصرف على نحو معين، لذلك حاول تفهم تلك الأسباب، إن لم تستطع فقط مررها، ولا تدع تصرفاتهم تجعل قلبك أقل عطاءاً.
- يروج للمحبة والتسامح على إنها أفعال غبية، وعشوائية.هي ليست كذلك أبداً، هي قوة وشجاعة وذكاء. الكل يستطيع رد الإساءة والانتقام, ولكن القليل فقط من يستطيع حماية نفسه بالصفح، وكسر حلقة الكراهية.
- أن تحب نفسك أولاً، وتعمل كل الأمور الجيدة لها، هو أساس المحبة.
- كُن ذكياً، واعياً، حليماً، وأعرف نفسك جيداً.
- هناك من سيسيء لك دائماً مهما فعلت، وسيكون له أثر مرير في قلبك، احرص على أن لا تسبب مثل هذا الألم للآخرين. وكن رحيماً بالمسيء فرؤيتك غاضباً حاقداً هو كل ما يريده.
- لستَ ملاك وقد تخطئ أحياناً، هون على نفسك، تقبل هذه الحقيقة، لا تلم نفسك كثيراً، إعترف بذنبك، وأطلب الصفح، وأمض.
- تريد العيش في عالم يٌحبك، يتفهمك، ويعطيك الدفء الذي تريده، حان الوقت لتسأل نفسك ماذا قدمت للعالم؟
- تذكر دائماَ شعور عطاء المحبة هو أجمل بكثير من أخذ الحب.
- لن يتغير العالم فجأة حين تقرر أن تُصبح مُحباً. التغييرات التي تأتي بشكل تدريجي تترسخ بشكل أفضل. واصل دون كلل أو إحباط رغم كل شيء.
-توقف عن العناية بشخص تشعر إن العناية به حمل ثقيل عليك، وتُشعره دائماً إنك متفضل عليه، ثم فكر بعلاقتك به.
- المحبة ليست شعور مُقيد، المحبة أن نمنح الحرية للآخر بكل حب وثقة.
- الغيرة من الآخر، أو على الآخر ليست من المحبة.
- (سأقابلك بوجه بشوش دوماً، ولن أسيء فهمك، ولن أنتظر منك افعالا معينة، سأكون هنا عندما تحتاجني، سأخبرك بصدق إن لم أكن قادراً على المساعدة، سأخبرك بما أحب ولا أحب من التصرفات لكي تفهمني ولا نؤذي بعضنا، وأنت أخبرني بذلك أيضاً)
أنهيت بعض الملاحظات التي تعلمتها شخصياً في أثناء بحثي عن المحبة، سيسرنا أن تشاركونا بقواعدكم الخاصة عن المحبة التي تنفذونها في حياتكم.
سمانا السامرائي
2016-11-30
4:03 ص
تعليقات
إرسال تعليق