التخطي إلى المحتوى الرئيسي

رحمة



رحمة 



 بعد منتصف الليل، وحين كان القلب قد شرع بابه لتدخل رياح السكينة، وتكنس غبار الإضطراب، قالت هي لصاحبتها وكأنهاتوشك على الإعتراف بسر خطير جداً
-هل يمكنني أن أخبرك عن إبنتي؟
-نعم نعم أخبريني.
-أيام الحرب السابقة كنت أشعر إني قريبة من الله أكثر من أي وقت مضى، وما كنتُ أراه في حلمي يتحقق، وغالبا حلمي يأتي لحمايتي.
أعلم إنه شعور، ولكن بطريقة ما كنتُ أصدق أحلامي مع إني لستُ شخص يثق بالأحلام أبداً. في تلك الفترة حلمتُ أني أمتلك طفلة، وهذه الطفلة تدعى (رحمة) هي الشفاء التام لقلبي وروحي المدمرتين بالكامل.
لا أعلم لمَ كان ذلك الوقت بالتحديد.. ولكن حينها كنتُ أشعر إن قدري يتغير للأبد.
وُضِعت في الحلم هوية الطفلة في يدي، وكانت تدعى رحمة أحمد.
كما تعلمين إن خطيبي المرحوم كان يدعى أحمد، وكان حينها لم يستشهد بعد، واسم حبي الأول أحمد أيضا، وابن عمي الذي كان على وشك التقدم لخطبتي هو أحمد، والحارس أمام بوابتنا أحمد، والشخص الذي اصطحب خطيبي أحمد للجيش يدعى أحمد، والمشرف علي في العمل يدعى أحمد،  في كل مكان كان هناك شخص يدعى أحمد حولي إلى حد يثير الرعب
-خيرُ الأسماء ( قالت الصديقةُ متعجبة في، وساخرة من القدر )
-مع الوقت إزداد قلقي في البحث عن هذا الأحمد والد رحمة الذي كنتُ متأكدة إني سأعرفه من أول نظرة لأنه يشبه إلى حد كبير رحمة، وكنتُ أشعر إن رحمة معي دائماً، 
لكن وبدون شك لم يكن خطيبي، ولكن في الحقيقة كنتُ على وشك التوسل لإتمام الزواج بسرعة من أجل رحمة... فطمعي ازداد في الحصول عليها من أجل شفاء قلبي، كنتُ سأبحث عن هذا الأحمد في آخر العالم لكي أنجب رحمة، ولكن ولادة رحمة يعني إنني كنتُ أختار نفسي مراراً وتكراراً... إني أحبها من أجلي، وأبحث عنها من أجلي، ولكني لا أريدها أن تولد من أجلي أيضاً، فأنا لا أريد أن أصبح أماً مرهقة بتربيتها، 
لذلك قتلتها في قلبي وفي داخلي ...لقد صليتُ ودعوتُ كثيراً من أجل ذلك  ... كما لو إنني أجهضت طفلي، كان ذلك مريعاً، ولكن هذا ما كنتُ أحتاجه، بعض القسوة لكي أواصل حلمي وتواصل هي البحث عن أم أخرى ليست أنانية بقدري.
-يبدو إنه كان شعور أمومة جارف (قالت متسائلة، وهي تمسكُ ذقنها)
-لقد كان فعلاً كذلك حتى إن صديقاتي نادينني بأم رحمة، وكنتُ أكره أن أنادى بأم فلان، ولكن لأنها رحمة كان ذلك يطمئنني
لاحقًا ... عندما أقف على رجلي، وعندما يصبح لدي من القوة والعزيمة ما يكفي،  ويكون لدي حياة مستقلة وأكون مستعدة لتربية طفلة سأتبنى رحمة ... أحد آخر غادر تارك وراءه طفلة ...وهذه الطفلة تنتظرني وستحل الرحمة على كلانا بسبب هذا اللقاء، 
فيمكنني أني أخبرك بثقة إني إمرأة عقيم حتى دون أي مساعدة من طبيب... فحينما لا يريد القلب أمر يوافقه الجسد.
وأتمنى أن تسامحني رحمة، ولكن كما أرى إنها فتاة مطيعة وروح متفهمة جداً تركتني بهدوء ودون غضب، بل وساندتني في كثير من الأوقات لأحقق حلمي الذي تركتها من أجله.
وسأتركها مراراً وتكراراً من أجله، فلا أريدها أن تولد في عالم حتى والدتها فيه تحب حلمها ونفسها أكثر من أي أحد آخر... وعليه لستُ نادمة على الإطلاق لأني تركتها تذهب... 
-يااااه...(غاضبة من فرط التأثر بشيء ليس موجود حتى) عشتُ جو أم رؤوم، حنونة حتى بقسوتها. ربما هي ملاك جاء لينقذك و يُعينك.! ليست مشروع طفلة يمكن أن تكون مستقبلاً، إنها خيال ملائكي جاء ليساعدك.
-حقا!!!!! إنها ملاك لم يخطر لي ذلك أبداً...

تمت

سمانا السامرائي
11/6/2016 4:02م


Share on Tumblr

تعليقات

  1. ليحفظ الله ملائكتك و يُنزلها دائما لتكون "رحمةٌ" لروحك.

    ردحذف
    الردود
    1. �������� مفاجأة لطيفة ... تعليقات المدونة المهجورة تشرف بزيارتك ��������

      ويحفظك الرحمن من أذى الإنس والجان

      حذف

إرسال تعليق