التخطي إلى المحتوى الرئيسي

حكاية الصرصور المؤمن



حكاية الصرصور المؤمن




كان يا ما كان ...  في سالف العصر والزمان...
 في بلد من بلاد الله الواسعة يحُكى عن صرصور مؤمن طيب  فقير الحال مسكين ، عاش حياته  متجنباً البشر قدر المستطاع ..
اختار الجحور الصغيرة و الشقوق المخفية والقنوات الظلماء المحفورة خلال الجدران ولم يحاول حتى التفكير في الخروج ورؤية البشر... لأنه يعلم جيداً ان لا شيء سيواجهه سوا الموت  المحتم أو الأضرار البليغة...
كان الصرصور دائم الشكر لله على نعمائه و بالأخص نعمة القناعة والرضا بما أعطاه ونعمة عدم الفضول التي لم يعطها لأحد آخر من جماعته الذين كانوا يسخرون منه ويتهمونه بالجبن و الغباء لأنه لا يعرف هيئة البشر حتى.
في يوم من الأيام طلب الصرصور المؤمن وهو يبكي من الله أن يخلصه من جماعته المقيتة وحياته البائسة و يميته بأسرع وقت  أو يرشده لطريق الذهاب إلى الريف، حيث هناك يأمل أن يجد زوجة ترضى به ويعيش في ارض الله الواسعة بعيداً عن جماعته والبشر المخيفين.
كان يتأهب للخروج في مساء اليوم التالي حين سمع صوت قرع للباب، فتح الباب فإذا به صديقه المؤمن المعروف بالشجاعة و الذي يحظى بحياة جيدة مع زوجته وغالباً ما يخرج لرؤية البشر ويأخذ منهم الكثير من الطعام ، كما إنه يتمتع بسرعة كبيرة تمكنه من الهرب حتى وإن كان يحمل  الكثير من الطعام.
استفسر الصرصور الشجاع عن وجهة صديقه المؤمن.
فقال الصرصور المؤمن:أتوكل على الله وأذهب لجمع قوت يومي من الجحور... تفضل يا صاحبي للدار الآن.
دخل الصرصور الشجاع للدار الصغيرة الخاصة بالصرصور المؤمن ثم عرض عليه الزواج بأنثى مؤمنة كثيرة الخروج للعالم الخارجي ولا يهمها إن كان زوجها كثير الخروج أم لا.
 تردد الصرصور المؤمن بالقبول لكونه فقير و بائس الحال .. ولا يملك أي هدية مميزة ليعطيها لزوجة المستقبل حتى ترضى به.
فأقترح الصرصور الشجاع أن يذهب إلى الخارج مرة واحدة مساء الغد  معه ليبحث عن هدية مناسبة..
تحير الصرصور المؤمن... ماذا عساه يفعل يا ترى؟ هل يخرج مع صديقه؟ أم يترك هذه الفرصة تضيع ويعيش وحيداً؟ ثم تذكر دعاءه ليلة أمس فقال في نفسه " لا بد إن هذه هي الفرصة التي منحني إياها الله للعيش بسعادة"
وافق الصرصور المؤمن على الذهاب وأتفق مع صديقه على وقت الذهاب وودعا بعض على أمل اللقاء غداً.
بدأ الصرصور بالتجول في أرجاء الدار والقفز وهو يردد" شكراً لك إلهي.. شكراً لك معيني .. إني توكلت عليك فلا تخيبني "
كانت حركاته شبيه بالرقص إلى حد بعيد..



ظل طوال الوقت يدعو ويناجي ربه لتكون رحلته إلى الخارج آمنة وتعود عليه بالنفع..
و أخيرا جاء الوقت  المحدد .. وصل الصرصور الشجاع لدار صديقه ثم خرجا سوياً..
سلك الصرصوران أسهل الطرق وأبسطها و تجاوزا عدة أنفاق و جحور حتى وصلا للخارج.
كان الصرصور المؤمن خائف من الخروج و منهك جداً فهو لم يعتد أن يجري بسرعة  ولمسافات طويلة ولكنه قرر ألا يتذمر حتى إنتهاء الطريق فهو قد توكل على الله و بالتأكيد إن بذل الجهد الكافي سيمنحه الله الخير المنتظر والموعود.
تسلق الصرصور الشجاع ستارة طويلة ملساء ودعا صديقه المؤمن لفعل ما يفعل تماماً..
و جد الصرصور المؤمن الكثير من الصعوبة في تسلق سطح أملس زلق إلا إنه قرر اليوم ألا يتذمر .. وصعد متسلقاً تلك القطعة الكبيرة من القماش الأملس بأناة وروية .
وصل إلى الأعلى بصعوبة بالغة وشعر بفخر لم يشعر بمثله سابقاً لأنه أنجز مهمة عدها مستحيلة، وقف لحظات في الأعلى ليستريح قليلاً ثم شعر ببعض الاهتزاز تحت أقدامه توقع إنه شيء من سمات العالم الخارجي الطبيعية بحث بنظره عن صديقه فوجده بعيداً جداً ينادي عليه طالباً منه الإسراع لعبور طريق طويلة من القماش الأملس..
هلع الصرصور المؤمن واضطرب فلا هو يستطيع أن يجري ولا هو يستطيع ان يرى جيداً بسبب سطوع الضوء فيجد مخرجاً فتوسل بالله أن يحميه من الأهوال التي لا يستطيع احتمالها..
فجأة اهتزت الستارة بقوة وتحركت، حاول التشبث بها ولكن قدميه كانتا غير معتادتين على ذلك وخذلتها فسقط على سطح أسود كثير الخيوط شعر الصرصور بشيء من الأمان فشكر ربه على هبوطه الآمن، ولكن لحظات الأمن لم تدم اهتز السطح الأسود بقوة مما جعله يسقط على سطح آخر أبيض و ورطب ودافئ يشبه الفاصولياء كان السطح صغيراً ويحتوي على خمس جسور ضخمة.. ثم سمع صراخاً عالي النبرة يقول: ابتعد عن يدي أيها القبيح.
وتعالت الصرخات حتى كاد الصرصور المؤمن أن يموت خوفا منها..
هدأ الصرصور للحظات و فكر!! ما هذا الكائن؟ صوته عالٍ ؟ إنه يبدو وكأنه كائن ضعيف أخرق؟.. رأيت قطة سابقاً وكلب أيضاً وكانا مليئان بالوبر والشعر وكانا بلون واحد ولكن ما هذا الكائن العملاق، متعدد اللون، عديم الفائدة؟.. راقب الصوصور هذا الكائن وهو يرتجف ثم تابع تفكيره العميق
قال إنه كائن بشع لم  أر شيئاً في حياتي أكثر بشاعة..
إنه كائن ضخم يعلوه شعر طويل وجحرين في كرة يبدو إنها رأسه يعلو الجحرين شعر ويتوسطهما كرتين سوداوين ثم هناك نتوء بثقبين و حفرة عميقة حمراء يبعث منها صوت عالٍ ومع كل هذا.. هذا الكائن يخاف مني؟ أنا الكائن الذي عليه الخوف هنا؟ عجيب أمر هذا الكائن كل العجب.
ثم شعر الصرصور المؤمن إنه يهوي بسرعة لكنه لم يعد خائفاً.. بل في غاية السعادة..
وقع على الأرض وشعر بتضرر أحد سيقانه ولكنه كان سالماً تقريباً.. ركض كالمجنون باحثاً عن مخرج وسهل الله له العثور على  المدخل الذي دخل منه  فخرج.
وعاد لداره يبكي فقد كانت تجربة صعبة جداً و دعا ربه مرة أخرى أن يفرج عنه الكرب والحزن وينهي حياته بسرعة ثم غط في نوم عميق وعندها حلم حلماً جميلاً التقى فيه والده الراحل فأخبره والده الراحل إنه فخور فيه وبأعماله الصالحة وأهمها عمله الصالح العظيم الذي فعله اليوم، سأل والده عن أي عمل صالح يقصد؟
فقال والده : لقد قفزت على رأس فتاة تابت اليوم من جميع أعمالها السيئة وأراد الله أن تغتسل من ذنوبها و تتنظف وتبدأ بداية جديدة و بقفزتك تلك حققت رغبة الله تعالى وذهبتْ رغماً عنها واغتسلت.
شعر الصرصور المؤمن باغتباط عظيم وشكر الله في حلمه كثيراً ثم أستيقظ وهو مستمر بشكر الله وحمده وذهب للتهيؤ للخروج للبحث عن قوت يومه فإذا بالباب تقرع بقوة فتح الباب فإذا به صديقه الشجاع ومعه أنثى جميلة..
قال الصرصور الشجاع: لقد رأت ألآنسة التي تكلمت لك عنها شجاعتك عند سقوطك بالأمس و قدرت ما حاولت فعله لأجلها وهي ترضى بك زوجاً لها..
فرح الصرصور كثيراً و عاش سعيداً مع زوجته وأطفاله برعاية الله وحفظه.
النهاية


"توكل على الله في النائبات
                         ولا تبغ فيها سواه بديلا
وثق بجميل صنيع الإله
                       فما عود الله إلا جميلا"

‏21‏/07‏/2014‏ 11:14:53 م    

Share on Tumblr

تعليقات

  1. غير معرف7/24/2014 4:24 ص

    هههههههههه تشبية قاتل للانسان مع الصرصور يجعلنا نتذكر القصة كلما شاهدنا صرصور مستقبلا اجارنا الله واياكم من الصراصير التي اكرهها كثيرا ........جوج

    ردحذف
  2. غير معرف7/27/2014 4:51 م

    اكره الصراصير كره مقيت واخاف منهم خوف ممكن يخليني ارتجف ساعه كامله بعد ما اشوفهم
    بس قصتك خلتني احزن عليهم واقول فعلا حياتهم صعبه هههههههههههههههههه
    ابدعتي صراحه ابهرتني الفكره

    ردحذف
  3. حكاية لطيفة , وفكرة طازجة ,اشفقت على اكثر حشرة اكرهها بسبب هذه القصة..
    خيال جميل جعلك تنظرين للحياة بعين حشرة .. والحكمة الكلية من القصة رائعة ..ونعم بالله

    ردحذف
  4. اتتني رسالة من الايميل "حكاية الصرصور المؤمن" اكذب ان قلت لم اضحك عل العنوان

    "صرصور" جداً مثير لل الاهتمام , تركت كل ما بيدي و بدأت ب القراءة

    جداً جداً اعجبت ب وصفك حتى اني لم افهم الا بعد اعادة القراءة , انه شيء ايجابي , الشيء المتقن يكون معقد قليلاً *تصفق*

    مستقبلاً عندما ارى صرصور سوف اقتله شر قتله لأنه نعتني ب " كائن بشع "

    ترا انا اول تعليق بس هو انعكس و صار الاخير T-T و كان التعليق نفسه مخفي -تجاهليني xD-

    ردحذف
  5. مكافحة حشرات بمكة
    مكافحة حشرات بالطائف
    شركة صقر البشاير هي شركة مكافحة حشرات بمكة, ومكافحة حشرات بالطائف نستخدم افضل انواع المبيدات الحشرية التي تقضي تماماً على الحشرات الزاحفة والحشرات الطائرة
    اتصل بنا على 0500941566
    شركة مكافحة حشرات بالطائف
    شركة مكافحة حشرات بمكة
    www.elbshayr.com/3/Pest-control

    ردحذف

إرسال تعليق