التخطي إلى المحتوى الرئيسي

كما يفترض بنا ان نلتقي



{كما يفترض بنا ان نلتقي}

لي مون سي /فتاة lee moon sae\ girl

مطر الحب \الحب الساطعlove rain \shiny love

Love Rain OST Kilgu - First Love

 


هناء وسلمى ليستا مجرد جارتين عاديتين هما صديقتان نشئتا معا ولعبتا معا وارتادتا نفس المدرسة وأصبح لهما نفس الأصدقاء ونفس الهوايات ذهبتا في نفس الطريق وعادتا منه متعبتين معا ,عزاء كلتا الصديقتين هي  صديقتها وكلما أصبح العالم موحشا لإحداهما اتصلت بصديقتها او وضعت ملاءة فوق رأسها وارتدت عباءتها وأسرعت لتطرق باب بيت صديقتها وتشكو لها ضنك الحياة.كانت حياتهما سريعة للغاية  فقد كبرتا بسرعة وتغير عالمهما بسرعة اكبر،أصبح مكتظا ومقلقا وليس بسيطا البتة .

 تزوجت سلمى ولم ترتد الجامعة فوالدها توفي وهي بحاجة لمهرها من اجل مساعدة والدتها لبدا مشروع صغير يعيل العائلة المكونة من خمس فتيات وأم كما أنها ليست بذاك الذكاء لترتاد الجامعة وتخاف ان لا يتقدم لخطبتها عريس أفضل لأنها اعتقدت أنها ليست جميلة بما يكفي لتتزوج برجل محترم وخاصة أنها من عائلة بؤست أحوالها بعد وفاة الوالد المعيل.

سافرت سلمى لمكان بعيد تبعا لتغير مكان عمل الزوج لكنها استمرت بالاتصال ب(هناء) والتحدث معها فهي اقرب لها من أختها التي تصغرها بعام.

كانت أخت سلمى الصغرى (رحمة) متعلقة جدا بأختها الكبرى سلمى وقد بكت كثيرا عند رحيلها وكانت تطلق عليها لقب(الأم الاختية) لما كان لها من رقة قلب وعناية بالغة بأختها التي تصغرها بثلاث عشرة سنة , كانت رحمة لا تفارق أختها وتود الذهاب معها أينما ذهبت وعندما كانت سلمى تريد ان تنفرد بصديقتها لتحدثها بعض الأحاديث الخاصة بالفتيات كانت ترفض رحمة الخروج.

وبعد زواج سلمى كانت رحمة كل يوم تقريبا تذهب حاملة بعض الألعاب او صحنا به نوعا من أنواع الحلوى أعدته الأم لمنزل هناء وتلعب بألعابها مع هناء او أختها التي تصغر هناء بأربع سنوات حتى انتهت العطلة وبدأت المدرسة.

 سجلت رحمة في المدرسة الابتدائية التي درست سلمى فيها كانت رحمة تسير وحيدة كل يوم لمدة خمس عشر دقيقة لتصل للمدرسة التي تكره الذهاب إليها بسبب الطلاب المزعجين الذين يحاولون الإساءة إليها لأنها فتاة هادئة وليست جيدة في الدراسة , أرادت ان تخبر أمها بذلك لكنها خشت ان تقلق أمها التي تقف منذ الصباح حتى المساء في متجرها للمواد الغذائية وتعود متعبة ,أما أخواتها فمزعجات حقا وقد يصرخن بوجهها ان علمن أنها تتعرض للإساءة , فذهبت لزيارة هناء في يوم العطلة وقد حدثتها تفصيلا بما يحدث معها وهي تبكي فعانقتها هناء ووعدتها بان كل شيء سيسير بشكل جيد, رحمة لم تفهم ماذا عنت هناء لكنها وعدت ان تدرس بجد وتذهب للمدرسة بنشاط.

في إحدى الايام حازت رحمة على درجة اثنان من عشرة بكت كثيرا بعدما وبختها المعلمة بشدة وقالت لها :يبدو ان أمك لا تهتم بك .

ضحكت بعض الطالبات عليها، فخرجت من الصف في الاستراحة تبكي جلست في زاوية بعيدة من ساحة المدرسة فجاء طالب غامض من صف الخامس الابتدائي سأل : هل انت بخير؟

قالت: المعلمة وبختني.

فقال: ستكونين بخير.

رفعت رحمة رأسها لتسال عن هويته فإذا به اختفى. وفي الايام التالية كانت تلتقيه كلما همت بالبكاء لكنها لم تستطيع معرفة شيء عنه.

انتهى العام الدراسي الأول وبالكاد نجحت رحمة رغم اجتهادها.

في إحدى ايام  العام التالي في طريق العودة من المدرسة كانت رحمة شاردة الذهن حين حاولت عبور الشارع فصرخ صوت من خلفها "انتبهي" فانتبهت للسيارة المسرعة وتراجعت بحثت عن الصوت فلم تجده فنال الخوف منها مما جعلها تجلس على الرصيف و تبكي بصوت عالي جدا فناولها ذاك الطالب منديلا فسألته بعينيها المحمرتين: هل تتبعني؟

فأجاب بابتسامة ساخرة :من انت لاتبعك؟ ... لا تبكي كثيرا

اغتاظت جدا فتجاهلته تماما لكنه ظل يتبعها سألته "من انت؟" 

فقال:احد الجيران واسكن في ذاك المنزل (أشار إلى منزل هناء) انا أراقبك دائما واعلم انك تبكين كثيرا ولست جيدة في الدراسة.

قالت:انت لا تسكن في ذاك المنزل.

قال : انا الأخ الأصغر لهناء واسمي حسام.

في نفس اليوم عصرا زارت رحمة هناء لتتأكد من وجود أخ صغير  وبالفعل كان حسام أخيها الصغير الذي طلبت من العناية بها .

رحمة لا تأكل بشكل لبق ونظيف أبدا مهما حاولت وغالبا ما تبكي كلما لوثت فمها او يدها او ملابسها لان امها توبخها بأسلوب خالي من الرحمة حين يتعلق الأمر بتناولها للطعام  لذا لم تتناول لقمة واحدة في المدرسة لكن في احد الايام شعرت بالجوع الشديد ولم تجلب شطيرة للمدرسة فاشترت شوكولا وكانت غير متماسكة ولينة، جلست في زاوية بعيدة وتناولت الشوكولا بسرعة من فرط الجوع ولم تنتبه للنظافة بعدما أنهت تناول الشوكولا رأت يديها ملوثتين وأردان قميصها ملطخة فهمّت بالبكاء و أحنت رأسها وذرفت الدموع بصمت ناولها حسام مجموعة من المحارم الورقية التي قام بترطيبها وقال: فاشلة لا تبكي سيبدأ الدرس امسحي فمك ويدك .كل الأطفال يلوثون ملابسهم .هوني عليك

كان حسام دائم العناية برحمة مراقب لها حتى بعد تركه المدرسة الابتدائية والذهاب لمدرسة متوسطة خاصة بالأولاد.

اما رحمة فكانت تحب ان تبكي لتراه, شيئا فشيئا أصبحت شخصا هادئا جدا وحزينا ومخيفا ايضا لا تتكلم كثيرا مع من حولها سوى مع أمها وسلمى وهناء وحسام ودمية الأرنب. 

كانت رحمة تجلس أمام باب المنزل منذ الساعة السادسة صباحا حتى لا تضيع عليها فرصة رؤيته وفي صباح يوم خريفي غفت رحمة وهي تنتظر حسام ثم استيقظت جراء ركلها بقدمه وهي تعطس

قال حسام مستهزئ  :مجرد فتاة كسولة , مرضت؟

شعرت رحمة بخيط من المرارة يقطب قلبها لأنها كانت تنتظره ربما كانت كل نظرة منه حلم لعالم جميل وجديد بعيدا عن الأخوات والصديقات المزعجات.

مرت الايام بسرعة وأصبحت رحمة في التاسعة ,أقامت أمها حفل بسيط بمناسبة تكليف رحمة وحجابها دعت إليه هناء وأخواتها وسلمى وابنها الصغير وبعض بنات العمة والخال. كانت المرة الأولى لرحمة لرؤية أختها برفقة طفل صغير تعتني به أكثر منها غضبت جدا ,بكت, لم تستمتع بالحفل ولم تنتبه لها سلمى فصوت الصغير الباكي أعلى من صوتها. حاولت تهدئة نفسها ولم تعرف ان هذا يدعى شعور الغيرة .

أرادت رحمة ان تطلب العون من احد في الدراسة لكن جميع أخواتها تزوجن وهناء مخطوبة ولديها عمل كما إنها تحجبت وهمست لنفسها إنها لن تكلم أي رجل بعد الآن وحين أخبرت أمها إنها بحاجة لمساعدة في الدراسة اختارت الأم حسام ليفعل ذلك فقالت رحمة :انا محجبة كيف اكلم رجلا؟

فقالت الأم : وهو ما زال صغيرا وأنت لن تفعلي شيئا سوى الاستماع له وهو يتحدث,اها!, و يمكن للمحجبة ان تكلم الرجال وإلا كيف اعمل؟.

كانت حسام يشعر بسعادة في الوقت الذي يقضيه برفقة رحمة وقد عبر عن سعادته بكلمات ك"غبية , كسولة , جمجمة فارغة , لا فائدة ترجى منك" ,كان حريصا ان تكون جيدة في الدراسة لكنها كانت فتاة لا تحب الدراسة، تنام غالبا بينما حسام مستغرق في الشرح او ترسم بعض الزهور على الورقة وعادة حسام سريع الملاحظة وقد عرف انها تنام كثيرا لذا كلما طلبت منه مساعدة في دراسة يحضر سلاحين زجاجة الماء و بطاقة تعبئة الرصيد ان كان قريبا فيفرغ زجاجة الماء على رأسها ويكمل الشرح بصورة طبيعية وان صادف وان كان بعيدا يرمي البطاقة بطريقة تجعلها مؤلمة للغاية و ببرود أعصاب يقول: فاشلة كالعادة.

ومرت الايام محلقة فوق رغباتنا وإرادتنا مرت بسرعة أصبحت رحمة فتاة محبوبة ولطيفة وحكيمة لكنها مازلت هاد~~ئة للغاية و باردة كالثلج.


وفي يوم من الايام العطلة الصيفية احتاجت أم سلمى لمساعدة رحمة في ترتيب المتجر، لَبَتْ رحمة إرادة والدتها مطيعة. كان العمل أمر مسلي جدا ل(رحمة) فهي تعشق الأعمال المنزلية جدا وأحيانا تساعد الجارات الوحيدات مثل أم هناء وغيرها أما العمل بالمتجر فهو أمر أخر فأخيرا تسنى لها الخروج والإطلاع على العالم الخارجي من مكان غير المدرسة، بالرغم من حقيقة ان المتجر لا يبعد سوى شارعين عن المنزل.

كانت متفاجئة تماما برؤية نشاط الناس وحركتهم وظنتهم سعداء جدا لأنهم يضحكون ويبتسمون برفقة عائلاتهم وهي وحيدة وحزينة لا أخوات مقربات لا أب إذن السعادة تعني ان تكون برفقة العائلة لم تعلم ان كلما ازداد أفراد العائلة ازدادت المشاكل, ومن حسن حظها ان أخواتها المزعجات تزوجن في سن مبكرة _رغم ان ليس كل العائلات سيئة لكن فكرة تواجد المرء مع كثير من الأشخاص فكرة صاخبة وتولد المشاكل مهما كان نوع الأشخاص_

تم إغلاق المتجر لبعض الوقت وبدأت الأم  وابنتها بالعمل الجاد وتم الانتهاء منه في ساعة تقريبا.

كانت الأم تتحدث مع احد الزبائن بينما كانت رحمة تعبث هنا وهناك ثم رأت بطاقات التعبئة على الدرج وتذكرت الوقت الذي كانت تدرس فيه برفقة حسام  كم هي ايام جميلة ايام الصغر .الآن هي لا تراه كما اعتادت. هو في الجامعة وهي لا تزال في الصف الخامس إعدادي هي لا تعلم انه ربما قد يكون حبا لذا لم تمنع نفسها من التفكير به كل صباح تسال أين هو؟ وقبل ان تغمض عينها كل مساء تسال ماذا يفعل؟  وتدعو الله من أعماق قلبها ان يكون بخير. هي دائما تحاول الذهاب إلى بيت الخالة أم هناء لرؤيته وهي تجعل الأمر يبدو كما لو انه مصادفة وهي دائما تتخذ التلفاز حجة للذهاب إلى هناك حيث ان الأم لا تقبل ان تحضر تلفاز في المنزل إلى ان تنهي رحمة سنين دراستها.

أرادت رحمة ان تصنع قلادة من البطاقة طلبت من والدتها مقص وبعض الخيوط فأشارت لأحد الأدراج . انتبهت رحمة لمسمار بارز بجانب الدرج فخشت على أمها ان تؤذى وأحضرت مسرعة مطرقة كبيرة وطرقت المسمار كانت رحمة تحاول إرجاع المطرقة  فتعثرت وسقطت المطرقة على قدمها اليمنى فصرخت بشدة من الألم.

 بعد قليل تظاهرت رحمة ان لا شيء يؤلمها وبقيت تساعد والدتها حتى انتهاء اليوم بدون كلمة واحدة وفي اليوم التالي كانت تشعر وكأنها تختنق من الألم لا تستطيع الحركة او الكلام  لكنها ظنت ان الألم سيختفي, اتصلت أم هناء وأرادت ان تساعدها رحمة في بعض التحضيرات لحفلة صغيرة. ربطت رحمة قدمها وذهبت فهي لم تعتد على رفض طلب مساعدة وبعد إنهاء العمل عرضت عليها الأم ان تبقى فالحفلة من اجل عيد ميلادها فقد أوصت هناء بعمل حفل مفاجئ لرحمة وهي ستأتي هذا المساء مع ابنتها وكذلك أخت هناء وبعض الجيران.

شكرت رحمة اهتمام الأم و هناء بها وعادت للمنزل لتغير ثيابها و تدعو أمها للحفل.

في الحفل كانت رحمة تبدو جميلة جدا لكنها كانت تفتقد أختها سلمى وأخواتها الأخريات اللواتي لم يتصلن او يرسلن رسالة نصية ولا مرة في يوم عيد ميلادها او أي عيد او نجاح, إنهن لا يسألن عنها ولا يحضرن لها الهدايا إلا حين يردن ترك أولادهن عندها.

ليس هناك رجال هذا اليوم الأب مسافر وحسام في محافظة أخرى في قسم داخلي وعلى الأغلب يدرس، هكذا اعتقدت رحمة لكنه دخل من باب المطبخ وهي جالسة برفقة صديقاتها يجهزن صحن الفواكه خرج حسام مسرعا من الباب لكنه حفظ شكلها الذي كان مختلفاتماما عما يألفه،كانت كأخته قبل ان يراها وخاصة ان فتيات الجامعة جميلات أما الآن من قال إنها أخته؟ هراء.

بقت رحمة مع هناء وأختها في غرفة البنات ليتحدثن أحاديث فتيات مشوقة لكن رحمة غطت في سبات عميق بسرعة. وصباحا على مائدة الطعام كان حسام يسترق بعض النظرات من تحت قبعته الرمادية فرأى وجهها شاحبا جدا سألها ان كانت بخير فأجابت "مؤكد"

يبدو ان كلمة مؤكد كانت كلمة خاطئة لأنها مؤكد كانت في حال يرثى لها فحين ذهبت للمستشفى في اليوم التالي ما ان فتح الطبيب الرباط وحرك قدمها حتى أغمي عليها من الألم وعندما استيقظت كانت قدمها داكنة اللون وفيما بعد علمت ان عليها الخضوع لعملية بتر للقدم.

ظلت رحمة صامتة ولم تنطق بكلمة واحدة بعدما علمت بالخبر تسائلت في أعماق نفسها ان كان ما سمعته صحيح ليس حلما وليس خطأ قالت بصوت مهموس : لابد ان الطبيب لا يعرف شيئا.

حاولت الأم معرفة ما كانت تقوله لكن رحمة تجمدت كمنحوتة حجرية واستلقت على السرير .جاءت الخالة أم هناء برفقة حسام لتطمئن عليها, كان حسام يقف قرب نهاية السرير وينصت بأذان صاغية للحديث الذي كان يدور بين أمه وأمها، كانت أم رحمة تبكي حزنا وهي تخبرهم ما سيحل بصغيرتها و تشكو من تصرفات رحمة الغريبة.

كانت رحمة تحدق في حسام الذي بدا غير مباليا وحين يئست ان يسال عن حالها تكلمت بصورة مفاجئة وهي تبتسم قائلة :انا بخير والحمد لله ماذا كنت انتظر يعني؟ انا غبية وهذه عقوبتي, حسام يعلم كم انا غبية وفاشلة.

انزل حسام قبعته الرمادية على وجهه وراحت الدموع تتساقط بخفية من عينيه.

اتصلت سلمى في هذه الأثناء فهمّت رحمة بالبكاء بمجرد إمساكها الهاتف المحمول وبالكاد أخذت نفسا وألقت التحية كما يفترض بها ان تلقي التحية على أختها الكبرى ثم قالت: لم أمت، لست مميزة و لا ذكية لكني عشت طويلا وانا الآن اسبب الألم للجميع ستقطع قدمي غدا.

صرخت سلمى : ليس هذا حقيقيا

رحمة(أجهشت بالبكاء وارتفع صوتها): أتمنى ان تكوني محقة .الآن حتى تحسنت درجاتي أصبحت أحرز علامة سبعين وحتى ثمانين أحيانا. الآن فقط أصبحت محبوبة . تعلمين ان غرفتي في الطابق الثاني فكيف سأعيش؟(دقت على صدرها)انا..لم أرد ان أصبح مثلك لأنك تزوجت مبكرا وبعيدا عنا مهما كانت مبرراتك مقنعة كنت اعتقد انك تريدين التخلص مني,والآن لا يمكنني حتى ان يكون ربع ما انت عليه ماذا افعل أختي؟

انت حكيمة وتعرفين كل شيء اخبريني أرجوك لا تبكي فقط تكلمي.

لكن سلمى أم تستطع التحمل وأغلقت الهاتف وخرج حسام من الغرفة ليبكي وحاولت امها وام حسام تهدئتها لكنهما بدورهما كانتا تبكيان.

قامت رحمة بعملية البتر وحين فتحت عينها وجدت سلمى وأخواتها حولها وهناء وأختها وحسام وأمهم كانت تجلس إلى جانب رأسها لكنها أغمضت عينها مجددا وبدأت الدموع تتسرب من بين رموشها ولم تجيب مهما حاول الجميع ان يكلموها.

أتى حسام خلسة يوم عطلة ومعه الكثير من بطاقات التعبئة وجلس وتحدث مع رحمة أحاديث مختلفة بينما هما يلعبان بالبطاقات ويرميانها لأبعد نقطة وكانت رحمة دائما لا تستطيع الوصول لبطاقته التي رماها وبعد نصف ساعة رحل .

أدرك حسام الآن فقط ان رحمة أصبحت فتاة مختلفة وغريبة لا يعرفها وكانت تعامله بهذه الطريقة ولا تظهر اهتماما او راحة لوجوده.

أصبحت رحمة شخصا مخيفا بعد فقدها قدمها تصرخ وتثور بسرعة من اجل ابسط الأشياء ولا يمكن ردعها عن شيء أرادته مطلقا. طلبت من امها شراء تلفاز وجهاز مُستقبل لتشاهد دراما وبرامج لأنها لن تذهب هذه السنة للمدرسة فأحضرت الأم لها ما طلبت وبعد قليل أصبحت مدمنة دراما وبرامج وحين كانت الأم تطلب ان تقلل من مشاهدتها للتلفاز كانت تجيب"انني لا أستطيع التنقل انا أعيش من خلال الأبطال".

 ثم بدأت لا تحدث أي احد إلا وهي تصرخ وتمشي وهي تضحك من غير سبب اعتقد الجميع إنها جنت لكن سرعان ما تغيرت وأصبحت هادئة مرة أخرى تتصل بأخواتها وتهتم بهم كما لم تفعل سابقا وقررت الذهاب للمدرسة في العام القادم، وطلبت من الطبيب تركيب القدم الاصطناعية التي عرض فكرتها عليها في وقت سابق لتتمكن من الاستناد عليها جزئيا وأرتداء الحذاء لتخفي قدمهاالمبتورة، وحين علمت بخطبة حسام سعدت جدا من قلبها وقد رأته مصادفة أمام باب المنزل فهنأته من قلبها وكانت تبدو سعيدة جدا مما جعل حسام يظن انه أخطا في التقدير وعليه ان يتجاوز الأمر لكنه كلما يتذكر الماضي يجعله يتساءل"كانت تتصرف معي بشكل مختلف ,أليس كذلك؟ لا يهم فهي حمقاء" اما بالنسبة لرحمة كانت كلما وضعت رأسها على الوسادة تبكي و لا تعرف السبب لكن خيط من الألم الحاد يخنقها ربما لأنها سمعت من النساء إنهما خطبا لبعض منذ الولادة.

وفي اليوم الأول من السنة الأخيرة كان حسام يراقبها من سيارته ورغم ان لديها سائق أوقف سيارته أمامها وطلب منها الركوب معه لان السائق تأخر فنظرت يمينا ويسارا قال مستاءا :اوووه..لا احد اركبي فقط ,فانا لست فاسدا ..فاشلة حقيقية.ستتأخرين

فضحكت رحمة ضحكة بصوت مسموع على غير عادة و أدخلت العصا ثم ركبت السيارة سأل حسام: هل انت بخير؟ أرجو ان لا تتصرفي بغباء اليوم

قالت بصدق:أعدك

حسام: الم اقل انك فاشلة؟ دافعي عن نفسك      

  _حسنا  

وفي وقت عودتها كان واقفا لم تسال عن السبب وركبت السيارة ثم قالت :هل كنت تنتظرني؟ لا تتعب نفسك 

حسام: اوووه ..كنت احضر بعض الخبز لامي قبل ان اذهب للعمل

رحمة: أي خبز؟ لا يوجد مخبز هنا ولا يوجد خبز في السيارة ايضا

حسام: لقد نسيت  (غاضب)

التصقت رحمة بالنافذة من الخوف كانت عيناه المرعبتان تذكرانها بأيام كان فيها مدرس صارم.

في احد ايام المدرسة طلبت المدرسة الذهاب لمختبر الأحياء الذي يقع في الطابق الثاني شعرت رحمة بإحراج شديد وخاصة إنها لم تخبر احد بشان قدمها التي كانت دائما تخفيها وقفت إمام السلم وكادت تختنق من الدموع التي حبستها في قلبها وحنجرتها ثم سمعت صوت فتاة تهمس في أذنها : دعيني أساعدك

رمقتها رحمة بنظرة مخيفة فقالت الفتاة ببراءة: لن أقول لأحد صدقيني ,وعد عند الله احفظه ..انا أراقبك منذ اليوم الأول فانا احترمك جدا واعتبرك مثالا رائعا انا لم أرى فتاة أقوى منك , والله يشهد.   (تتحدث بسرعة)

رحمة: شكرا لك.

الفتاة : انا ريحان وأنت رحمة وهل يخفى القمر؟ انا أحب اسمك. هل أزعجتك؟ أمي تخبرني اني غريبة الأطوار ومجنونة وتطلب مني دائما ان اكون أبطا في حديثي وألا أخيف الناس لكن هذه عادتي انا مندفعة قليلا  (ضحكت)

رحمة: اوووه ..انت لطيفة حقا.

ريحان: انت تتحدثين بهدوء كذلك الرجل أهو أخيك ؟ لقد طلب مني قبل مدة الاعتناء بك لكني قلت له انت قوية وشجاعة ولست بحاجة للمساعدة هو لا يعرف انني كنت أراقبك.

رحمة(مضطربة) : انه كأخ لي ويحاول حمايتي ...لكني لا اعلم لم يسألني أولا

_ريحان:يسال ماذا؟

 _رحمة: لنذهب للدرس.

مرت الايام وتخرجت رحمة من المدرسة بمعدل جيد يؤهلها للدخول للجامعة لكنها رفضت الدخول للجامعة رغم إصرار الجميع ولم تستمع حتى لسلمى وقررت تساعد امها في المتجر فأمها لا تقوى على العمل و عليها الاستراحة الآن.

أصبحت ريحان تتردد على المتجر وتقضي ما يقارب ساعتين كل خميس او جمعة وتمضي وقتا طويلا تحدثها عن الجامعة بينما لا تمتلك رحمة كثيرا من الأحاديث المثيرة وخاصة إنها هادئة لكن ريحان كانت تتمنى لو كانت مثل رحمة لا تذهب للجامعة و تستمتع بالجلوس والبيع للزبائن ومشاهدة دراما الساعة الرابعة.

في أوقات الظهيرة تغلق رحمة المتجر وتجر ساقها المعطوبة عائدة للمنزل وتتمنى لو إنها تعود صغيرة تمشي ببطء و روية لكن لا شيء باستطاعتها عمله بشأن هذا الخصوص.

أحيانا حين تجلس على مائدة الطعام وحيدة تبكي بحرقة كما لو ان احد مات الآن ثم تتمتم بكلمة "غبية. فاشلة. قال انني حتى لا أستطيع تناول طعامي بطريقة لبقة, محق"

فكرت رحمة بالذهاب للجامعة لكنها تعلم جيدا إنها ستضيع وقتها فقط وقد أرادت تعلم شيء جديد بشدة فطلبت من ريحان ان تحمل لها بضع المقاطع المصورة التعليمية عن الخياطة والحياكة فوالدتها تعد شبكة المعلومات (الانترنت) أمر فاسق ومفسد ولا تسمح بإدخاله المنزل.

حاولت رحمة تعلم الخياطة وفشلت ولكنها أبدت تجاوبا مع الحياكة وقامت بحياكة أوشحة وجوارب صوفية كما إنها قامت بحياكة مفارش للطاولات وأحزمة وقلائد مواكبة للموضة ووضعتها في المتجر نالت المنتجات بعض الاهتمام وقد شجعها الجميع على الاستمرار.

بعد إصابة رحمة لم يعد أولاد أخواتها يحبون ان يزوروا بيت الجدة ان لم يكن تجمع عائلي او عيد فقد أضحوا يخافون من خالتهم كما ان الأخوات لا يريدون ان يثقلوا كاهل أختهم . كما ان الأخوات أضحين يترددن على بيت الأم كل جمعة او كل ما سنحت لهم الفرصة ليساعدن ببعض الأعمال و يعتنين بالأم التي أرهقها طول العناية برحمة وأحيانا يظهرن بعض الاهتمام لرحمة.


في يوم من ايام الربيع الجميلة جاءت سلمى للمتجر وقد اخفت وجهها وطلبت بعض المواد الغذائية و بعضا من المفارش المحاكة ودفعت الثمن ثم قالت: هل انت أختي ربما؟

أمسكت رحمة يد سلمى

أردفت سلمى: كنت اختبر تعاملك مع الزبائن فقط.

رحمة: أين الأطفال؟

سلمى: مع والدهم لزيارة بيت عمتهم الكبرى لقد اعتذرت عن الذهاب لأراك عزيزتي ثم نذهب سويا للقاء هناء لقد اتصلت بها وأخبرتها اننا سنأتي معا لزيارتها بعد العمل.

في المساء .. قدمت سلمى المساعدة في إقفال المتجر ومشيت برفقة رحمة ببطء وروية تحدثتا في أمور عامة وشكت رحمة بعض المصاعب التي تقابل فتاة بساق معطوبة ولا تستطيع التغلب عليها.

جلست رحمة في بيت الخالة أم هناء بهدوء تستمع لما يدور من أحاديث وفجأة أظهرت اهتماما خاصة بموضوع خطبة حسام للمرة الثانية لو إنها سمعت هذا الأمر قبل عامين لخشت وخجلت ان تظهر كل هذا الاهتمام لكن بما إنها مصابة وقد كبرت قليلا فلم تعد تخجل من التكلم عن الجنس الآخر تسائلت عن التفاصيل معللة إنها لم تسمع عن شخص يعيش حياة كالدراما مثل حسام قبلاً.

فأجابت هناء: ان والدا الفتاة الأولى ألغيا الخطبة لسبب مجهول وقد التقى الفتاة الأخرى التي يقول انه معجب بها في العمل ولكن تبين لنا ان أخاها هو العدو اللدود لأخي لذا حسام مرهق كثيرا في الآونة الأخيرة ,انا أشفق عليه حقا.

وبينما كانت رحمة وسلمى تودعان هناء أمام الباب الرئيسي للمنزل التقيا حسام وأول شيء قاله بعد الترحيب ب(سلمى): فاشلة,كيف حالك؟

فقالت سلمى وهي تحدق فيه بعينين مخيفتين: نعم؟

حسام: اعتذر . (يحرك قبعته)

 رحمة:تهاني على الخطبة وآسفة لان حظك عاثر.

حسام:غب..(أشارت له رحمة بطرف عينها) شكرا لك.

عادت سلمى للمنزل مستاءة وأخذت رحمة ودخلتا في غرفة وأقفلت الباب ثم قالت بلهجة عنيفة : كيف تسمحين له ان يستخدم كلمات كتلك معك؟

رحمة (مرتبكة قليلا): كان معلمي.

_وماذا يعني؟ انت تعطيه الفرصة حتى يهينك ,انت درة حبيبتي

_انا درة؟ انا فاشلة وغبية وبشعة.

_هل هو أخبرك بهذا؟

_انه محق بشأن غبائي فلم أكن طالبة جيدة كما انني امتلك عينين تستطيعان رؤية قبحي ولم يقل احد أبدا من قبل اني جميلة فماذا يعني هذا؟

_حبيبتي تختلف أنواع الذكاء, فأنت جيدة في الحياكة والعناية بالمنزل والمتجر وكأنك كبيرة وسليمة..(انحنى ظهر رحمة)آسفة..لم اقصد .(أستأنفت)..أنت جميلة للغاية ..اعتذر لاني لم اذكر ذلك قط سابقاً.

صمتت رحمة وكأنها تقول في داخلها "لا يمكنك الكذب على" ثم أردفت سلمى: ألا يعجبك الالتحاق بالجامعة ؟التحقي بكلية التدبير المنزلي وادرسي عن بعد او كلية الآداب او الأعلام,انت الآن تقرأين كثيرا من الكتب وتشاهدين الكثير من الدراما انت مثقفة أكثر مني الآن, لا يهم ان لم تعملي بشهادتك او قد تعملين كاتبة مقالات لا يهم حقا, الجامعة مهمة وانا الآن نادمة على عدم دخولي الجامعة وقد أفكر بالالتحاق بالجامعة ايضا.

وعدت رحمة أختها إنها ستفكر بالأمر ومضى اليوم بسلام.

كانت رحمة تعاني من علامات وهنٍ وضعف تبكي كلما شرد ذهنها و هي لا تعرف ما الذي يبكيها بهذا القدر.أما حسام ضائع بين إعجابه بتلك الفتاة المرحة المثقفة التي يمكن ان تكون زوجة صالحة وشريكة حياة مثالية وبين مشاعره الأولى البريئة التي مضى عليها زمن وان تخلى عن هذه المشاعر فقد تخلى عن كل مشاعر بريئة وحالمة و طفولية تبقت من صغره.

كان اليوم جمعة عندما كانت رحمة تقفل المتجر في المساء وهي مستندة على عكازها و سمعت صوت مألوفا ينادي باسمها كانت لتقول انه حسام من الوهلة الأولى لو نادى غبية لكنها بقت في حيرة لأنه ناداها باسمها فنظرت يمينا ويسارا ثم نظرت خلفها فكان يقف في منتصف الشارع فحياها واضعا يده اليمنى على صدره مبتسما ثم اقترب شيئا فشيئا فقال: الحياة قاسية, أليس كذلك؟

رحمة:اوووه ..صغيرنا كبر.

 فضحك للمرة الأولى أمامها: إلا تخافين ان يختطفك احد أيتها الفاشلة؟

رحمة بسعادة بالغة:الآن أعرفك .لم أخاف ؟من يريد خطف فاشلة,باكية ,بشعة بقدم واحدة؟

حسام: لا يهم عودي في وقت أبكر.

رحمة (متعجبة) :  اوووه..ماذا تفعل هنا؟

حسام  (غطى وجهه بقبعته البنية):لا تسرقي (اوووه) خاصتي . لنذهب, ألست ذاهبة للمنزل؟ (وضع يديه في جيبه)

رحمة: اجل (تفحصت وجهه بنظراتها)..بالتأكيد

بينما يسيران قال حسام وهو يبدو وحيدا وبعيدا جدا عن رحمة: ادع لي,انت فتاة طيبة والله يسمع دعاء الطيبين.

رحمة(امتلأت عينيها بالدموع): سأفعل,لكن الله يحب دعاء المذنبين الذين يرجون المغفرة.

ثم استمرا بالسير  في طريق هادئ ومظلم مصدر الإضاءة الوحيد هي مصابيح المنازل الخافتة حتى وصلا للمنزل فالتفت حسام نحو رحمة وألقى التحية وهم بالدخول للمنزل لكنه التفت مرة أخرى نحو رحمة وقال:ان تكوني بقدم واحدة أفضل من ان تكوني بلا قلب و روح ...و..أنت جميلة .

ثم دخل المنزل وترك رحمة ترتجف ومشت بصعوبة حتى وصلت إلى منزلها المجاور وجلست على الرصيف وضعت عكازها إلى جانبها وقبضت على تنورتها وهي تتنفس بصوت مسموع وقد جفت شفتاها وبدأت الدموع تتساقط من عينيها ,وضعت كفها على صدرها وحاولت ان تهدئ من نفسها لكن هذه المرة الأولى التي تسمع فيها كلاما لطيفا وجميلا هكذا وهذه أول مرة تشعر فيها بهذه الطريقة كما لو إنها دخلت إلى إحدى المسلسلات.

كان حسام يراقبها ثم قال: لن ادعك تنتظرين طويلا.

                                                  النهاية

‏13‏/10‏/2012‏ 04:34 م12년 10월 13일 16시 34분 29초

شكرا لكم
لقد كنت ماضية لأكتب نهاية حزينة آلمتني إلا انني غيرت رأيي في آخر لحظة حينما رأيت دراما (حب زوجتي ناتري الأول) فقلت لنفسي عزيزتي رحمة تستحق نهاية سعيدة ايضا وهذا أمر يرضيني كقارئة وإنسانة لكنه قد لا يرضيني ككاتبة ولا يرضي معجبو الاتجاه الواقعي  لكن ما دامت رحمة سعيدة سأكون سعيدة ايضا فلندعو للجميع بالسعادة والرضا والسلام دمتم  سالمين.


ان نالت اعجابكم شاركوها اصدقائكم
                                                       
Share on Tumblr

تعليقات

  1. في البداية جا ببالي ان الحكاية بتكون عن هنا و سلمى

    "رغم ان ليس كل العائلات سيئة لكن فكرة تواجد المرء مع كثير من الأشخاص فكرة صاخبة وتولد المشاكل مهما كان نوع الأشخاص" .. من الممكن تصنيفها ك نوع من الحقائق

    النهاية , ما دخل سعادة رحمة ب سعادتك ؟

    عل اية حال استمتعت بها ♥

    ردحذف
    الردود
    1. أعتقد أنها عادتي في الكتابة إنه أبدا بأشخاص مختلفين من أجل التشويق او حتى تبين كل الشخصيات المعتمدة عليها القصة أفضل

      انا عن الملاحظة كتبتها بعد انتهائي من كتابة القصة مباشرة وكان قبل عامين ... سعادة رحمة سعادتي كقارئة بالمقام الأول + انا اتقمص الشخصية قبل الكتابة حتى اني مشيت لعدة أيام بساق وحدة أثناء أعمالي اليومية لذلك الشخصية تأخذ من قلبي واتعلم منها الكثير كأنها حية في عقلي ...
      شكراً لك من أجل الوقت الذي صرفته في قراءة القصة لأن الوقت أغلى ما يملك الإنسان
      وشرف لي إنك استمتعت

      حذف
    2. عادة جميلة

      اذن سبب اتقان شخصياتك هي التقمص , واو! ما شاء الله

      بل شكراً لكِ صرفت وقتي في شيء جميل كهذا : )

      حذف
    3. عفوا حبيبتي
      يسعدك ربي

      حذف

إرسال تعليق